أخبارالعالم الاسلاميالعراق

مرور (55 عاماً) على ذكرى انتفاضة صفر الخالدة وإصرار العراقيين على إحياء الزيارة الأربعينية

استذكر العراقيون، يوم أمس، الذكرى السنوية الأليمة لانتفاضة صفر، التي شهدتها زيارة أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) من العام (1977 م)، والتي جرى فيها اعتقال الآلاف من الشباب والنساء وكبار السن وعلماء الدين وإعدام آخرين في سجون البعث الدموية.
وبحسب الوثائق التاريخية والشهود العيان الذين عاصروا الانتفاضة الشيعية، فقد انطلق جمع من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في العراق بانتفاضتهم هذه بعد منعهم من قبل النظام المباد من السير على الأقدام صوب كربلاء المقدسة لإحياء الأربعينية المباركة.
وضجّ المسلمون الشيعة في العراق، بعد قرار النظام المباد بمنع إقامة المراسم الحسينية في يوم عاشوراء الأليمة والزيارة الأربعينية ومنع المسيرات الراجلة وكافة الشعائر الحسينية المقدّسة.
وبدأت الانتفاضة الشيعية، بتعليق منشورات في شوارع وأزقّة النجف تدعو أهالي المدينة إلى المشاركة في المسير إلى كربلاء مما أدى إلى شن حملة اعتقالات واسعة في المحافظة من قبل قوات الأمن ولكن هذا لم يمنعهم من مواصلة الحراك والدعوة إلى المسير إلى كربلاء وحددوا الساعة الحادية عشر من صباح الخامس عشر من شهر صفر موعداً لانطلاق المسيرة.
وفي صبيحة يوم الخامس عشر من شهر صفر الأحزان، خرجت جماهير غفيرة من مناطق النجف الرئيسية وهي البراق والمشراق والحويش والعمارة وهي تجوب شوارع المدينة متوجهة إلى مرقد الإمام علي (عليه السلام) وهم يرددون أهازيج منددة بمنع الشعائر الحسينية المقدسة، وواصلت الجموع مسيرها إلى كربلاء وخاضوا صدامات دامية مع قوات الأمن المنتشرة في الطريق وصولاً إلى منطقة خان الربع حيث قضى السائرون ليلتهم فيه .
وفي اليوم التالي، واصلت الجموع مسيرها إلى كربلاء وكانت دوريات الشرطة والأمن تلاحقهم على الشارع العام وهي تهددهم وتأمرهم بالرجوع إلى النجف إلا أن الحشود لم تكترث إلى تهديداتهم وبقيت تواصل سيرها إلى كربلاء حتى وصلوا إلى منطقة (خان النص) عصر هذا اليوم حيث توقفت المسيرة للاستراحة والمبيت فيها وواصلت مجاميع من الشباب الحراسة ليلاً خوفاً من أي هجوم محتمل من قبل دوريات الشرطة والأمن التي كانت تجوب المنطقة .
أما في صبيحة يوم السابع عشر من شهر صفر، فقد تحركت المسيرة من منطقة خان النص باتجاه كربلاء والجموع تردد الأهازيج المختلفة والحماسية وبعد ابتعادها عن المنطقة قامت مجاميع من قوات الأمن بالهجوم على مؤخرة المسيرة وإطلاق النار عليها مما أدى إلى سقوط أول شهيد في الانتفاضة وهو السيد محمد الميالي مما أدى إلى تحرك مئات الشباب الغاضبين إلى مراكز الشرطة القريبة والهجوم عليها وتدميرها وأخذت جموع كبيرة بالالتحاق بالمسيرة من النجف وبعض المناطق القريبة من كربلاء حتى وصلت المسيرة إلى منطقة خان النخيلة حيث تقرر الاستراحة والمبيت فيه إلى صباح اليوم التالي وقد التحقت القبائل المحيطة بالمنطقة بالمسيرة بعد أن اتجه العشرات اليهم لدعوتهم للمشاركة حيث جاء الآلاف إلى المنطقة وهم يرددون أهازيج عراقية مختلفة.
وبعدها أرسلت الحكومة البعثية، أحد خدمة الروضة الحيدرية لتدارك الموقف وإيقاف المسيرة وأخذ بتهديد السائرين وشتمهم إلا أنه لم يأتِ بنتيجة فعاد إلى النجف دون أن يأتي بأي نتيجة وفي المساء هطلت الأمطار بغزارة واشتدّ البرد ليلا مما أعاق تقدم قوات الحرس الجمهوري التي وصلت إلى المسيب استعداداً لضرب المسيرة بعد ذلك توجّه جمع من علماء الحوزة الشريفة لتوجيه الإرشادات اللازمة إلى جماهير المسيرة والمشاركة معها مما ساعد برفع معنويات الجماهير وحماسها.
وفي اليوم التاسع عشر من صفر، قارب المسيرة الوصول إلى مدينة كربلاء المقدسة، عشية يوم الأربعين، فتصاعد غضب النظام الدموي وسخطه، فقام بإرسال اللواء المدرع العاشر إلى طريق كربلاء لاعتراض المسيرة حتى وصل الأمر إلى إرسال طائرات ميغ 23 إلى المدينة وإعطائها الأمر بإطلاق النار إن استدعى الأمر وبعد وصول المسيرة إلى مشارف كربلاء كانت في استقبالهم مجموعة من الدبابات والسيارات المصفحة وسيارات الشرطة ومئات المسلّحين وهم يتأهبون لإطلاق النار ومنع تقدم الجموع إلى كربلاء وقامت هذه القوات بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الشباب والنساء وكبار السن بعد محاصرتهم إلا أن مجاميع كبيرة تمكنت من الفرار وإكمال المسير عبر طرق فرعية أخرى وصولاً إلى العتبة العباسية والروضة الحسينية وفيما تجمهر الآلاف من المعزين في صبيحة يوم العشرين من صفر الأحزان، حول العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين، أشاعت قوات الأمن أنباء تشير إلى وجود قنبلة موقوتة داخل ضريح الإمام الحسين مما أدى تولد الذعر في نفوس الجموع التي كانت في داخل الضريح وهنا استغلت القوات الأمنية الفرصة وقامت بإلقاء القبض على مجاميع كبيرة من الشباب ونقلهم إلى المعتقلات القريبة بينهم علماء دين من مدينة النجف الأشرف، إضافة إلى القيام إراقة دماء الكثيرين من المشاركين في المسيرة الحسينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى