قالت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) إن كل الحديث في حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا ينصبّ الآن على ملف الهجرة لكن الهروب المتزايد والصامت للمسلمين من هذا البلد الأوروبي هو الذي يشير إلى أزمة أعمق تتخبط فيها البلاد.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها، أن المنافسين الثلاثة الأبرز للرئيس الحالي إيمانويل ماكرون في انتخابات أبريل/نيسان المقبل، والذين يتوقع أن يمثلوا ما يقرب من 50% من الأصوات وفقًا لاستطلاعات الرأي، يديرون حملات مناهضة للمهاجرين مما يثير مخاوف أمة تواجه تهديدا حضاريا مما تعتبره “غزوا” من قبل مواطنين غير أوروبيين رغم أن حجم الهجرة الفرنسية الفعلي متخلف مقارنة بمعظم الدول الأوروبية الأخرى.
وتضيف الصحيفة أن المشكلة التي يتم تناولها حصرا في هذا البلد هي الهجرة، لدرجة أن فرنسا فقدت لهذا السبب خلال سنوات فقط كفاءات متعلمة تعليما عاليا سعت لمزيد من الديناميكية ولفرص أفضل في أماكن أخرى.
ومن بين هؤلاء -كما يؤكد باحثون أكاديميون- عدد متزايد من المسلمين الفرنسيين الذين يقولون إن التمييز كان “دافعا قويا” وراء قرار الهجرة وأنهم شعروا بأنهم مجبرون على مغادرة البلد بسبب مزيج من الصور النمطية والأسئلة المزعجة حول أمنهم وشعور بعدم الانتماء.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن هذا “الهروب” إلى الخارج جرى دون انتباه من قبل الساسة ووسائل الإعلام مما يعتبر فشلا للدولة الفرنسية، وفق الباحثين، في توفير مسار تطور حتى لأكثر أبناء أكبر أقلياتها كفاءة ممن كان بالإمكان استثمارهم كنماذج للاندماج الناجح.
ويقول أوليفييه إستيفيز، الأستاذ في مركز العلوم السياسية والقانون العام وعلم الاجتماع بجامعة ليل والذي أجرى مسحا لـ900 مهاجر فرنسي مسلم ومقابلات معمقة مع 130 منهم، “هؤلاء الأشخاص ينتهي بهم الأمر بالمساهمة في اقتصاد كندا أو بريطانيا.. فرنسا بالفعل تطلق النار على نفسها”.
ويحتل المسلمون الفرنسيون الذين يقدر عددهم بـ10% من السكان مكانة “غريبة للغاية” في الحملة الانتخابية الرئاسية حتى أنه نادرا ما تُسمع أصواتهم، وهو مؤشر ليس فقط على الجروح العالقة التي سببتها هجمات 2015 و2016 الإرهابية التي أودت بحياة المئات ولكن أيضا على صراع فرنسا الطويل حول قضايا الهوية وعلاقتها المضطربة مع مستعمراتها السابقة