أخبارالمرجعية

ذكرى الشهيد الحيّ في القلوب.. 43 عاماً على استشهاد المفكّر الإمام السيد حسن الشيرازي (قدّس سره)

استذكرَ العالم الإسلامي وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) في مختلف دول العالم، الذكرى المتوشّحة بالآلام، لاستشهاد الفقيه المجاهد الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي، الذي اغتالته أيادي البعث الإجرامي في العاصمة بيروت، قبل ثلاثة وأربعين عاماً، بعد حياة من النضال قضاها في خدمة العقيدة الحقّة.
وكان عصر يوم الجمعة السادس عشر من شهر جمادى الثانية عام 1400 للهجرة، شاحباً كئيباً، ففيما توّجه السيد الشيرازي إلى مجلس التأبين الذي عقده لاستشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) في مدرسة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في بيروت، وحيث كان مستقلاً سيارة الاجرة، أحاطه أربعة من أزلام النظام الصدامي وأطلقوا عليه النيران، فأردوه قتيلاً على الحال، فلبى نداء ربه شهيداً مظلوماً وشيبته مخضبّة بالدماء.
الحادثةُ الأليمة التي أدانتها جهات سياسية ودينية إسلامية وغير إسلامية، لم تسجّل ضد مجهول، فقد أعلن النظام البائد في العراق خبر إعدامه بالرصاص، وسبقه اعتقاله في بغداد وسجنه بسجن بعقوبة عام 1390 للهجرة، تاركاً إرثاً تأليفياً ضخماً في شتى مجالات الدين والثقافة والأدب لا زالت مكتبات العالم تحتفي بها، فضلاً عن جهوده في إنشاء حوزة السيدة زينب (عليها السلام) في سوريا ومدارس ومعاهد للفقه والقرآن الكريم.
والشهيد السيد حسن الشيرازي هو ابن المرجع الديني الإمام السيد الميرزا مهدي الشيرازي (قدس سره)، والمولودُ في مدينة النجف الأشرف عام 1354 هجرية (1935م).
ولِد سماحتُه في بيت اشتهر أكثر من قرن بالمرجعية والفقاهة، والتقوى والفضيلة، والعلم والسياسة، والجهاد والاجتهاد، والخدمة للدين ومذهب أهل البيت (عليهم السلام).
منهم: ــ وهو كبير الأسرة ــ: المرجع الديني الأعلى الإمام الميرزا المجدد السيد محمد حسن الشيرازي (قدس سره) (1230ـ 1312هـ) الذي قاد النهضة الشعبية الكبرى المعروفة بـ (ثورة التبغ) (1309هـ) ضد الاستعمار البريطاني في إيران بكفاية متميزة وقيادة رشيدة.
ومنهم: الإمام الميرزا محمد تقي الشيرازي (قدس سره) المرجع الديني الأعلى الذي قاد ثورة العشرين (1338هـ – 1920م) ضد الجيش الانكليزي حتى طرده من العراق المسلم.
ومنهم: المرجع الديني الأعلى الإمام السيد عبد الهادي الشيرازي (قدس سره) (1305 ـ 1382هـ).
وكان والده: الإمام السيد الميرزا مهدي الشيرازي (قدس سره) (1304ــ1380هـ) المرجع الديني الكبير في السبعينات من القرن الرابع عشر الهجري.
كما ونبغ من أسرته: أخوه المرجع الديني والمؤلف والمفكر الكبير، الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الذي صرح جمع من كبار العلماء والفقهاء بأعلميته.
وكذا أخوه المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظلّه).
وبعد حادثة استشهاده الأليمة، أصدرت عدة شخصيات مهمة بيانات تستنكر فيها اغتيال الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي، منها:
بيان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وأدلى رئيس المجلس الشيخ محمد مهدي شمس الدين بتصريح جاء فيه: (انها جريمة كبرى وفظيعة موجهة ضدنا وضد المجلس وضد الهيئات الدينية وضد الإسلام.. ان فقد الإمام الشيرازي يعتبر فقداً لقيم علمية ودينية في حياتنا..).
ومنها: بيان رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص، وجاء فيه: (اننا نستنكر أشد الاستنكار هذه الجريمة البشعة التي أودت بحياة السيد حسن الشيرازي..).
كما دعا كامل الاسعد رئيس مجلس النواب اللبناني الى عقد اجتماع أدان فيه هذه الجريمة القذرة.. واعتبر الإمام الشيرازي الرجل الكبير الذي ينطوي على ثروة علمية ودينية وسياسية كبيرة، وان فقده يعتبر خسارة لا تعوّض للبنان.
وندد بعض الوزراء اللبنانيين بهذه الجريمة واستنكروها بشدة، ‎كما استنكرت هذه العملية الاجرامية مختلف الحركات الاسلامية والسياسية من مختلف ارجاء العالم.
ووصلت آلاف البرقيات من جميع نقاط العالم الى المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الشيرازي في قم المقدسة يعزونه باستشهاد أخيه المجاهد، كما قام بزيارته كبار مراجع التقليد والشخصيات الدينية والعلمية، وكبار الأساتذة للتعبير عن عواطفهم وتقديم التعازي بهذه الفاجعة الأليمة، وكان منهم: آية الله العظمى السيد الشريعتمداري، وآية الله العظمى السيد الكلبايكاني، وآية الله العظمى السيد المرعشي النجفي، وآية الله العظمى السيد صادق الروحاني وآخرين.
وشُيّع جثمان آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي في لبنان وسوريا تشييعاً مهيباً وقد اشترك في التشييع العلماء والفضلاء والشخصيات الرسمية والسياسية بالإضافة الى الجماهير الحاشدة من المؤمنين، ثم نقل الجثمان الطاهر الى ايران فشيع كذلك في طهران، ومنه إلى قم المقدسة وعطلت الحوزة العلمية في قم واغلقت الأسواق بأمر من مراجع التقليد، وشيع جثمان شهيدنا المجاهد آية الله السيد حسن الشيرازي تشييعاً عظيماً لم ير مثله الا نادراً شارك فيه مراجع التقليد والعلماء والمدرسون وجماهير الشعب، وبعد ان صلى عليه آية الله العظمى المرعشي النجفي (قدس سره) دفن السيد الشهيد الى جوار المقام المطهر لفاطمة المعصومة (عليها السلام).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى