{رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}.. الطب الحديث يثبت ما حذّر منه الإسلام قبل أكثر من 14 قرنًا

في تحول صحي غير مسبوق، أعلن الجراح العام للولايات المتحدة، الدكتور فيفك مورثي، عن تقرير رسمي يدعو إلى وضع ملصقات تحذيرية من الإصابة بالسرطان على جميع المشروبات الكحولية، مؤكدًا أن “لا وجود لأي كمية آمنة من الكحول”، وهو ما اعتبره مراقبون لحظة فارقة قد تعيد صياغة الثقافة العالمية تجاه المشروبات المسكرة.
ويأتي هذا التقرير الصادر عن أعلى سلطة طبية في الولايات المتحدة بعد عقود من الجدل، ومعه يتضح حجم الضرر الذي يلحقه الكحول بصحة الإنسان، حيث ربطت المراجعات العلمية الحديثة استهلاكه بسبعة أنواع من السرطان، منها سرطان الثدي والقولون والكبد، إضافة إلى أمراض القلب والكبد والسلوك العدواني وتفكك العلاقات الأسرية والاجتماعية.
ومع أن العالم الحديث لطالما روّج لفكرة “الاعتدال في الشرب” تحت ذريعة الفوائد القلبية، فإن تقارير صحية جديدة – كتلك الصادرة عن المركز الكندي لتعاطي المخدرات – نسفت هذه الادعاءات، مؤكدة أن حتى كميات ضئيلة من الكحول تحمل أضرارًا لا يمكن تجاهلها، مشددة على أن الفوائد المزعومة لا توازي حجم المخاطر.
هذه النتائج العلمية تعيد إلى الواجهة الرؤية الإسلامية التي رفضت الخمر منذ فجر الإسلام، كون {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} كما ورد في قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}[البقرة: 219]، وهو تقييم دقيق سابق لزمانه، لا تحكمه مصالح شركات ولا دعايات ثقافية.
ولم يكتف الإسلام بالتحذير الأخلاقي من الخمر، بل وصفها بأنها {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
ويثبت التقرير الأخير للجراح العام الأمريكي أن ما كان يُنظر إليه كخيار شخصي “ترفيهي” هو في الواقع خطر داهم يتغلغل في المجتمعات باسم الحداثة والتسلية، ويخلف أضرارًا لا تتوقف عند حدود الجسد، بل تمتد إلى الأخلاق والاقتصاد والأسرة.
وفي ضوء هذه النتائج، تتجلى حكمة الشريعة الإسلامية في موقفها الصارم من الخمر، لا بوصفها فقط مفسدة للعقل والدين، بل لأنها مفتاح شرور وأذى تتسع دائرته كلما سكتت الضمائر وخفت صوت الفطرة.
ويؤكد مراقبون أن الوقت قد حان لإعادة تقييم علاقة المجتمعات بالكحول، من منطلق علمي وأخلاقي، وليس فقط صحي، معتبرين أن الإسلام بتشريعاته الخالدة لا يزال يقدّم رؤية إنسانية راسخة، تمنح الإنسان أمانًا من أضرار لا يُدرك حجمها إلا بعد فوات الأوان.