المقالات

مشكلة كشمير.. الجذور التاريخية في صراع الهند وباكستان

عندما تشتعل التوترات بين الهند وباكستان، تعود الأذهان إلى صراع قديم بدأ منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947. وبينما مضت عقود طويلة، ظلت قضية كشمير تُمثل العصب الرئيس لهذا النزاع، حيث تتداخل الأبعاد الجغرافية والدينية والاقتصادية والسياسية في أزمة لم تُطوَ صفحاتها بعد.
تُعد كشمير وجامو امتدادًا جغرافيًا طبيعيا لباكستان الغربية، وترتبط معها بعلاقات اقتصادية وثيقة. أسواق روالبندي وسيالكوت الباكستانية كانت المستقر الرئيس لمنتجات كشمير الزراعية والصناعية، بينما تمثل مدينة كراتشي أقرب منفذ بحري لصادرات الولاية. في المقابل، تعتمد باكستان على الأنهار الكبرى التي تنبع من كشمير، مثل نهر السند وجيلوم وشناب، والتي تعد شريانًا حيويًا لاقتصادها الزراعي.
بجانب ذلك، فإن خط الدفاع العسكري لباكستان يعتمد على طرق تمر بالقرب من حدود كشمير، مما يجعل السيطرة الهندية على الولاية تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا لكيان الدولة الباكستانية.
ويُضاف إلى الأسباب الاقتصادية والجغرافية العامل الديني، إذ إن غالبية سكان كشمير مسلمون. كان هذا العامل أحد المبررات الرئيسة التي دفعت باكستان إلى المطالبة بضم الولاية إليها، مما جعل النزاع أكثر تعقيدًا وحساسية.
وعند تقسيم شبه القارة الهندية، كانت هناك مئات الإمارات الصغيرة التي تمتعت بدرجات متفاوتة من الحكم الذاتي. قانون استقلال الهند منح هذه الإمارات حرية الانضمام إلى الهند أو باكستان بناءً على رغبات شعوبها، وليس وفق قرارات حكامها فقط.
لكن في ثلاث ولايات رئيسية – حيدر آباد، وجوناجادا، وكشمير – تعقد الوضع. في كشمير، كان الحاكم هندوسيًا بينما غالبية السكان مسلمون. وقد رفض مهراجا كشمير اتخاذ قرار واضح، مما زاد الأزمة اشتعالًا.
وفي يوم 15 أغسطس 1947، لم تحدد كشمير موقفها من الانضمام إلى أي من الدولتين. حاول المسلمون التعبير عن تأييدهم لباكستان، لكن قوبلوا بالقمع. ورغم توقيع المهراجا على اتفاقية تعطي باكستان بعض الصلاحيات المتعلقة بالمواصلات والبريد، فإنه لم يبدِ أي نية حقيقية للانضمام إليها.
اشتدت التوترات حين أمر المهراجا بنزع سلاح المسلمين، مما فجّر ثورة شعبية واسعة. وفي أكتوبر 1947، اندفعت قبائل من الأفريديين وغيرهم لدعم مسلمي كشمير، فهرب المهراجا إلى جمو وطلب دعم الهند عسكريًا، مقابل إعلان انضمام كشمير للهند.
أرسلت الهند قواتها الجوية والعسكرية إلى كشمير، فدخلت في حرب مع باكستان. وعندما اشتد الصراع، لجأت الهند إلى مجلس الأمن الذي فرض وقفًا لإطلاق النار عام 1949، وتم ترسيم خط الهدنة الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم.
تسيطر الهند حاليًا على منطقتي جمو ووادي كشمير، فيما تدير باكستان معظم المناطق الشمالية والغربية من الإقليم.
مشكلة كشمير ليست مجرد خلاف حدودي، بل هي نتاج تراكمي لعوامل جغرافية واقتصادية ودينية وسياسية متشابكة. ومع كل توتر جديد بين الهند وباكستان، تظل كشمير بؤرة النزاع ومفتاح الفهم العميق للعلاقات المتوترة بين البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى