المقالات

فاطمة المعصومة.. كريمة أهل البيت وباب الرحمة لشيعة آل محمد

في زوايا التاريخ المشرقة، حيث تسكن الأرواح المتوضئة بعشق آل محمد، تتلألأ سيدة علوية، أشرقت من دوحة الإمامة، ولم يكن لها من الدنيا إلا مقام الطهر، ومهابة الجلال، إنها فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، المعروفة بـ كريمة أهل البيت، لقبٌ لم تُعرف به امرأة من ذرية النبي غيرها، كما لم يُعرف من الرجال بهذا اللقب إلا الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، لتكون هي سيدة الكرم ومعدن الطُهر، وشقيقة القلوب الظامئة إلى الفيض العلوي.
ما أشرفها من كرامة حين يُطلق عليها إمامٌ معصوم هذا اللقب العجيب، في موقف تحفُّه الأنوار وتغشاه الأسرار، حين توسّل السيد محمود المرعشي أربعين أربعاء في مسجد السهلة ليرشد إلى موضع قبر فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فجاءه الجواب العلوي من لسان العصمة: “عليك بكريمة أهل البيت”. فظن أن الخطاب موجّه إلى قبر الزهراء، ليأتيه البيان العلوي: بل هي فاطمة بنت موسى بن جعفر، قبرها في قم، وقد جعل الله له من العظمة ما قدّر لقبر الزهراء.
إنها كريمة آل البيت بحق، ففيها ومن خلالها يتجلى الكرم المحمدي بأوسع صوره. لا كرم المال فحسب، بل كرم العلم، وكرم الشفاعة، وكرم المقام والمكان، فهي التي امتدت ظلالها على قم، فحوّلتها إلى مهوى أفئدة المحبين، ومأوى العلماء، وموئل الأسرار الإلهية.
كريمة، لأنها كانت وما زالت أبوابًا مفتوحةً نحو السماء. يشهد لها التاريخ والقلوب والأفئدة، ويشهد لها المحدّث القمي حين رأى الميرزا القمي في رؤياه، وسأله عن شفاعة أهل قم، فابتسم قائلاً: أما شفاعة أهل قم فبيدي، وأما فاطمة المعصومة فشفاعتها لأهل العالم.
وهكذا، لم تكن ابنة الكاظم امرأة عابرة في رحلة العمر، بل كانت رحلة بحد ذاتها، هاجرت من المدينة قاصدة أخاها الإمام الرضا صلوات الله عليهما، فكان مقامها في قم بداية لعهد جديد من البركة والنور، كأن السماء أرادت أن تُقيم لها محرابًا في قلب الأرض، تفيض منه الرحمة، وتنبثق منه العلوم، وتشرق منه دعوة العارفين.
وفي ضريحها الطاهر تنزل الأرواح وتلثم الأعتاب، وتُغسل الدموع عند قدميها، وتتعلق القلوب بطرف ثوبها، رجاءً واستغاثة، ومناجاة. هي حاضرة من حواضر الطهر، فيها حوزة قم التي لا تزال تتفيأ بنورها، وترضع من لبان بركتها، تنافس النجف في رفد الأمة بحملة العلوم والعقيدة.
هي كريمة آل البيت لأن كرمها لا ينضب، ولأنّ قبرها باب من أبواب السماء، ولأنها مذ نزلت قمًا جعل الله من مثواها قبلة للقلوب، ومزارًا للوجدان، وموئلاً لمن أضناه السير إلى أبواب العترة الطاهرة.
فالسلام عليكِ يا فاطمة بنت موسى الكاظم، يا من جعل الله قمًا فاطمية بك، وأشرقت بك الأرض حتى زاحمتِ السماء قداسةً وجلالاً، السلام عليكِ يا كريمة آل البيت، ويا شفيعة المؤمنين، ويـا وجه الله الذي يُتوسل به إلى الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى