عبقات عاشورائية : الخوف في الإمام الحسين صلوات الله عليه
يقول المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي “دام ظله”:
يقول المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي “دام ظله”:
روي عن عبد الله بن بكير أحد ثقات أصحاب الإمام الصادق “صلوات الله عليه” أنه قال: “قلت له ـ يعني الإمام الصادق صلوات الله عليه ـ إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح، فقال: يا ابن بكير، أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفا؟ أما تعلم أنه من خاف لخوفنا: أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقرته الملائكة، وسكنت قلبه بالبشارة”.
نستنتج من هذه الرواية عدة أمور؛ أهمّها:
اولاً: “إنّ زيارة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) كانت على مرّ التاريخ مقرونة بالخوف والتضحية ومحفوفة بالمخاطر وتحمّل الصعاب، بل كان حتى ذكر الإمام الحسين (صلوات الله عليه) يغيظ الظلمة، فكانوا يضيّقون على المؤمنين، ويخلقون لهم المشاكل إذا ذكروا الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، أو نصبوا له المآتم أو ذهبوا لزيارته، أو عظّموا أيّاً من شعائره، أو ذكّروا بما جرى عليه وعلى أهل بيته وأصحابه في كربلاء؛ ولذا قال الإمام لابن بكير: أما تحب أن يراك الله فينا، أي في سبيلنا ومن أجلنا ـ خائفاً؟”.
ثانياً: “تعكس الرواية أيضاً عظمة ذكر الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وإقامة التعازي على مصابه، وهكذا زيارته، وإحياء شعائره التي هي شعائر الله تعالى، وتميّزها بميزة لا توجد في كلّ العبادات حتّى الواجبات منها فضلاً عن المستحبّات، وهي عدم رفع جوازها ولا استحبابها حتى مع الخوف، فالشعائر الحسينية ومنها زيارة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) مع أن المشهور عند فقهاء الشيعة استحبابها ـ لا وجوبها ـ لا تسقط مع الخوف، أي لا يسقط استحبابها فضلاً عن جوازها، ولذلك قال الإمام الصادق (صلوات الله عليه) في جواب ابن بكير: (أما تحبّ أن يراك الله خائفاً فينا)، ولم يسمع عن المعصومين (صلوات الله عليهم|) تعبير مماثل في مورد عبادة أخرى”.
ويضيف سماحته، “إن الروايات في هذا الخصوص كثيرة وليس هذه الرواية الوحيدة في هذا المجال، فلقد وردت هذه الرواية عن ابن بكير وروايات أخرى مشابهة عن مسمع وآخرين في بابٍ يحمل اسم (باب استحباب زيارة الإمام الحسين على خوف)، مع أنه لا يوجد عندنا في كتب الروايات باب في وجوب أو استحباب عبادة أخرى على خوف”.