المقالات

ما هي أسباب الإساءة لمقام النبيّ صلى الله عليه وآله؟

لابدّ من وجود أسباب تقف وراء الإساءة، لمقام النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله، ومصدر هذه الإساءات التي تأتي بأشكال وسبل عدّة، أناس لا يعرفون الإسلام جيّداً، ولم يطّلعوا عليه بصورة جوهرية، بل تأثّروا بما هو محرَّف أو منحرف من تاريخ الإسلام، الذي أساء له زمرة من الساسة والمؤرّخين…

 

شبكة النبأ المعلوماتية: لابدّ من وجود أسباب تقف وراء الإساءة، لمقام النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله، ومصدر هذه الإساءات التي تأتي بأشكال وسبل عدّة، أناس لا يعرفون الإسلام جيّداً، ولم يطّلعوا عليه بصورة جوهرية، بل تأثّروا بما هو محرَّف أو منحرف من تاريخ الإسلام، الذي أساء له زمرة من الساسة والمؤرّخين، ساسة متغطرسون كذّابون وسفّاحون، يعاضدهم مؤرّخون مزيّفون محرِّفون، هذا الطرفان إلتقيا لكي يوجّها أكبر الإساءات للإسلام، ولنبيّ الرحمة ومقامه الكريم، وعندما نطّلع على الحكّام الذين حكموا المسلمين بعد النبيّ الأكرم وقبل وبعد الإمام علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام، سنصل إلى يقين تام بأنهم أسّسوا الزّيف والزور، وعملوا على الإساءة للإسلام ورموزه العظمى بصورة ممنهجة وعن سبق الإصرار. 

 

يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في كلمته التي وجّهها للمسلمين مؤخّراً، حول الإساءة لمقام الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله: 

(إنّ من أهم أسباب الإساءة إلى مقام وشخصية مولانا رسول الله صلّى الله عليه وآله، في الغرب وغيره، يعود إلى أمرين: الأول: هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أكْثَرَ من روايته العامّة والخاصّة بطرق مختلفة لدرجة قد تبلغ حدّ التواتر، من أنه صلى الله عليه وآله قال: «كثرت عليّ الكذّابة وستكثر» وفي بعضها بزيادة: «بعدي». والمقصود بالكذّابة على رسول الله صلى الله عليه وآله الذين يختلقون الأحاديث وينسبونها له، أو يلصقون بسيرته صلى الله عليه وآله ما ليس من سيرته). 

وهذا أمر يمكن ملاحظته بصورة واضحة لمن يدقّق في الروايات والأحاديث المختلَقة والمنسوبة زيفاً وزوراً إلى نبي الرحمة، فهناك كتب كثيرة حملت في بطونها ما لا يتّفق مطلقاً مع شخصية الرسول صلى الله عليه وآله، وبما لا يتّفق إطلاقاً مع سلوكه الإنساني العظيم، وهناك أمر آخر يؤكّده سماحة المرجع الشيرازي قائلاً: 

أما الامر الثاني: (لقد أعلن الإمام الحسين صلوات الله عليه في واقعة عاشوراء أنه يسير بسيرة جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرة أبيه الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه. والسبب في قول الإمام – أسير بسيرة أبي- هو لأن الذين جاءوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وقبل أمير المؤمنين صلوات الله عليه وبعده، كانوا قد شوّهوا صورة الإسلام بتصرّفاتهم وأسلوب حكمهم وإجرامهم وفسادهم وإفسادهم). 

خلفاء لا يستحقّون هذا الشرف 

إذن من أسباب الإساءة، أولئك الساسة الذين أطلقوا على أنفسهم خلفاء للمسلمين، وهم لا يستحقّون هذا التشريف من بعيد أو قريب، لسبب بسيط، أنهم لا يستحقّون ذلك بسبب أعمالهم وأفعالهم التي يندى لها الجبين، والتي لا تمت للإسلام بصلة، فمن هؤلاء البعض ممن أصبح حاكماً على رقاب المسلمين من انتهكوا حرمة الناس باسم الإسلام وقتلوا الأبرياء من شيوخ مرضى ونساء حوامل وأطفال. 

إذ يقول عنهم سماحة المرجع الشيرازي في كلمته المذكورة: (بعضهم سمّى نفسه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله، ومنهم معاوية، الذي قام وخلال يوم أو يومين أو ثلاثة وعبر مبعوثه بسر بن أرطاة إلى اليمن، بذبح أكثر من ثلاثين ألفاً من الأبرياء في اليمن، كان فيهم الرضّع والشيوخ والحوامل والأطفال. وقد قتل هؤلاء الأبرياء لا في حرب بل لأنهم كانوا يعتقدون بعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه بأنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله فقط). 

من المؤكّد ان الذين يطّلعون على تاريخ قادة من هذا النوع وهم لا يعرفون الجوهر الحقيقي للإسلام، سوف يتصوّرون ان الإسلام يتمثّل بهؤلاء المسيئين له، مثلما حرّفوا الأحاديث ونسبوها إلى شخص الرسول الكريم، وهو حاشاه لم يقلها ولم يعمل بها، ولكن كتبهم ومؤلّفاتهم في التحريف والتزييف حملت مئات، بل آلاف الروايات والأحاديث التي نسبوها لشخص النبي الأكرم، مما يشكل إساءة متعمّدة، أصبحت في العصر الراهن منطلقاً لإساءات متواترة تجرّأ على إطلاقها وإلحاقها بشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، نفر ضال كونهم لم يطّلعوا على التأريخ الحقيقي للإسلام ولا على السيرة النبوية الحقيقية وأبعادها الإنسانية المعروفة، ولا شكّ أن التحريف وإلصاق التهم الكاذبة بالرسول الكريم يدفع الآخرين للنفور من الإسلام والابتعاد عنه. 

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع: (وربّ سؤال يطرح وهو: لماذا ابتعد الناس عن الإسلام وتنفّروا منه؟ والجواب الحقّ على ذلك هو: أسلوب وتعامل بني أمية وبني العباس، هو الذي أدّى إلى ذلك. فقد ذكرت كتب العامة بأن آخر سلطان من سلاطين بني أمية الذين كانوا يسمّونهم بخلفاء الله وخلفاء رسوله، وهو مروان، قد غضب على رجل، فطلبه، وأحضروه عنده، فقام (مروان) بقلع عيني ذلك الرجل بأصابعه). 

ماذا نعرض للناس من نماذج؟ 

إنها كما يتضح للجميع أعمال وأفعال وأفكار يندى لها جبين الإنسانية، فهي من الإسلام براء، ولا تمت للإنسانية بصلة، بل ان سلوكيات الحكّام الأمويين والعبّاسيين تمثّل عاراً على أصحابها، وهي لا علاقة لها بتأريخ الإسلام المشرق، الذي نقل الناس من ظلام الجهل إلى فضاءات النور الواسعة، ومما يثير العجب والأسف في نفس الوقت، أن أولئك الحكّام لم يتركوا للناس ما يمكن أن يفخروا به، فتأريخ أولئك الحكّام يغصّ بالظلم والوحشية، ولا يمكن لأحد أن يفتخر للانتساب له. 

وهنا يتساءل سماحة المرجع الشيرازي قائلاً في كلمته نفسها: (هل هناك ما يستحقّ أن نعرضه للعالمين؟)، ويضيف سماحته متسائلاً: (هل نعرض عليهم ونعرّف لهم حكومة معاوية أم يزيد أم حكومة بني مروان أم هارون، أم المأمون، أم البهلوي، أم صدام، أم القذافي؟ فإذا عرّفنا للعالمين أيّ حاكم ممن حكموا في البلاد الإسلامية، عدا النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فسيكون ذلك مدعاة على العار والخجل). 

إنه للأسف تأريخ مخز، لا يشرّف أحد للانتساب إليه أو التحدّث عنه والاستشهاد به، كما انه لا يمكن أن يكون إلاّ وسيلة طاردة للناس عن الإسلام، ولابد أن من يطّلع على هذا التاريخ الذي يغصّ بالجرائم يولّي هارباً من الإسلام، لأنه يظن أن هؤلاء هم من يمثّل الإسلام، في حين أن الإسلام الحقّ هو إسلام محمّد صلى الله عليه وآله، وهو إسلام أئمة أهل البيت عليهم السلام، هؤلاء هم أهل البيت، وهم الأدرى بما يمثّله دين جدّهم، أما الآخرون الذين لم يعرفوا عن الإسلام سوى السلطة والتمتّع بمزاياها من حكّام أمويين وعباسيين، فهؤلاء وسيرتهم وتاريخهم المنحرف لا يمكن أن يمثّلوا الإسلام الحقّ، كما أن التحريف الذي أدخله المؤرّخون والكتَبَة التابعين لهم، لا يمكن أن يمثّل روح الإسلام وجوهره، إنما هو تلفيق وتزييف وتحريف ألصق بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله زوراً وبهتاناً. 

لذا يدعو سماحة المرجع الشيرازي جميع المسلمين إلى أهمية الاطّلاع على تاريخ وسيرة أهل البيت لكي يطّلعوا على الإسلام بجوهره الحقيقي، لكي بقوم المسلمون بدورهم في التصحيح ورفض التزييف لاسيما الشباب منهم، ودعوة الآخرين للنظر إلى الإسلام الحقيقي عن طريق أهل البيت عليهم السلام، وليس عن طريق أعدائهم وأعداء الإنسانية جمعاء. 

ويرشدنا سماحة المرجع الشيرازي إلى هذا الطريق القويم قائلاً: (يجب على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، بالأخصّ جيل الشباب، أن يقوموا بمطالعة ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله من التاريخ الذي كتبه أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، لا مما كتبه غيرهم، فأهل البيت أدرى بمن فيه، كما قيل). 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى