وادي الإمام الحسين (عليه السلام).. مقبرة تجمع شهداء باكستان الشيعة
لم يكن عمال منجم الفحم الذين قتلوا قبل أيام في إقليم بلوشستان بباكستان، هم أول الضحايا للأعمال الإرهابية والمعادية للمسلمين الشيعة، فهناك في مدينة (كراتشي) الباكستانية، مقبرة أطلق عليها اسم وادي الإمام الحسين (عليه السلام) تجمع المئات من الشيعة الذين قتلوا في عمليات قتل مستهدفة إضافة إلى موتى آخرين.
وما يميّز قبور الشيعة الشهداء، وضع الأعلام الحمراء عليها، في إشارة إلى قتلهم في أعمال إرهابية أو معادية، وهي دائماً ما تكون عبر عمليات إجرامية تشنها عصابات إرهابية أو جماعات دينية متشدّدة، ويتم كتابة تاريخ الوفاة على شواهد القبور والعملية الإجرامية التي ذهب ضحيتها كل شهيد من بين شهداء المقبرة.
ومنذ عام 2001، قُتل أكثر من 2600 مسلم شيعي في هجمات عنيفة في الدولة الواقعة في جنوب آسيا، وفقًا لمنظمة أبحاث بوابة الإرهاب في جنوب آسيا.
وبحسب تصريح صحفي للقائم على إدارة المقبرة (لال محمد) تابعته (شيعة ويفز)، فإنّ “هذه المقبرة مخصصة لرفات الباكستانيين الشيعة بينها رفات ضحايا قضوا قتلاً في عمليات إرهابية على مدى سنوات عديدة”.
ويوضّح أنه “في وادي الإمام الحسين، يأتي الأشخاص الذين يعبرون عن احترامهم للموتى لزيارة القبور ووضع الزهور ورش الماء عليها”، مضيفاً أن “ذويي المتوفين يحضرون عادةً كل يوم خميس لزيارة قبور موتاهم، ويقرأون الأدعية ويأدون الصلوات عندها”.
أكثر من 300 قبر يطلق عليهم لقب “شهداء”
تروي الصحفية الباكستانية (سناء بتول) قصصاً مختلفة عن ذووي الضحايا المدفونين في مقبرة الإمام الحسين (عليه السلام)، منها قصة امرأة تدعى (تحسين عباس)، قُتل أخوها الأصغر في تفجير عام 2013 في بلدة عباس، وهي منطقة ذات أغلبية شيعية مسلمة في كراتشي، حيث كان أخوها الشهيد (كاشف عباس) في موقع الانفجار الذي ضرب البلدة وراح ضحيته (45) شخصاً من الشيعة.
وتقول الشقيقة المنكوبة: “مات أخي في الانفجار، وكان قد وعدني أنه سيأتي لرؤيتي في المساء، لكنه لم يعد”.
وتضيف، “”حتى لو كنا نبكي طوال حياتنا، فهذا لا يكفي. ربما إذا متنا جميعًا ونحن نبكي في هذا الألم، ربما عندها فقط سيتم تعويضه”.
أما القصة الثانية، فهي قصة (اشتياق حسين) البالغ من العمر (80 عاماً) والذي يروي ما حدث من هجوم إرهابي نجا منه سنة (1963)، وكان ذلك أثناء تحضيرهم لإحياء مراسيم عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام)، مستذكراً تلك اللحظات المؤلمة، حيث يقول بأنه “وخلال إحياء يوم العاشر من المحرّم سمعنا عن وجود هجوم على موكب في بلدة (ذهري) وكنا حوالي 200 شخص ركضنا لإنقاذ جماعة الموكب، ولكن لم نكن نعلم أن الأخبار كانت فخاً، وكان هناك الآلاف من المهاجمين ينتظروننا بالفؤوس والسيوف في أيديهم، لتقطيعنا جميعًا إلى أشلاء”.
ويضيف، “”كنت من بين الناجين، لكن لا أستطيع أن أتذكّر كيف نجوت. كان هناك حوالي 10 أشخاص هاجموني بالفؤوس، وأصابوني بجروح بالغة، وكانت رقبتي وكتفي تنزف، وركلوني في بطني لدرجة أنني بدأت في بصق الدم”.
ويمضي بالقول: “ما زلت على قيد الحياة، لكن شيئاً ما مات بداخلي في ذلك اليوم”.
وتختتم الصحفية قصصها بالقول: “كان الهجوم على نهر الذري من أوائل الهجمات الطائفية الكبيرة منذ أن حصلت باكستان على استقلالها عن البريطانيين في عام 1947، وقد وقتل أكثر من 118 شخصاً في ذلك اليوم. كان من المقرر أن يكونوا أول آلاف قتلوا لكونهم من الشيعة”.