أوروبا

الجدل يتجدد في بريطانيا حول تعريف الإسلاموفوبيا وسط تصاعد جرائم الكراهية

الجدل يتجدد في بريطانيا حول تعريف الإسلاموفوبيا وسط تصاعد جرائم الكراهية

عاد النقاش في بريطانيا حول وضع تعريف رسمي لمصطلح الإسلاموفوبيا إلى الواجهة، في وقت تشير فيه الإحصاءات الحكومية إلى ارتفاع لافت في جرائم الكراهية ضد المسلمين، ما جعل الجالية المسلمة الأكثر تعرضاً للاعتداءات الدينية والعرقية في البلاد.
وكانت الحكومة قد شكلت في فبراير الماضي لجنة خاصة برئاسة النائب المحافظ السابق دومينيك غريف، تضم ممثلين عن الجاليات المسلمة وخبراء مستقلين، بهدف صياغة تعريف واضح للمصطلح بعد سنوات من الخلافات السياسية والاجتماعية. وقد قدمت اللجنة تقريرها الأولي الشهر الماضي، فيما تواصل السلطات دراسته قبل الإعلان عن الصيغة النهائية.
وتشير بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى زيادة بنسبة 20% في الجرائم التي تستهدف المسلمين في إنجلترا وويلز العام الماضي، في تصاعد يراه مراقبون نتيجة غياب إطار رسمي يحدد مفهوم الإسلاموفوبيا ويُمكّن من رصد الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.
ويعود ظهور المصطلح في بريطانيا إلى عام 1997 عبر تقرير مؤسسة “رَنيميد تراست” الذي عرّفه بـ“العداء غير المبرر للإسلام وما ينتج عنه من ممارسات تمييزية”، قبل أن تُحدّث المؤسسة تعريفها في 2017 لربط الظاهرة بالعنصرية الممنهجة ضد المسلمين. كما اقترحت مجموعة برلمانية عام 2018 تعريفاً آخر تبنته مؤسسات محلية وحزب العمال، بينما رفضته الحكومات المحافظة المتعاقبة.
وتؤكد منظمات مسلمة أن وضع تعريف رسمي بات ضرورة لحماية الجالية، معتبرة أن غياب الوضوح المفاهيمي يعمّق هشاشة المسلمين ويقوّض ثقتهم بالمؤسسات. وتشير الباحثة البريطانية الدكتورة ميشا إسلام إلى أن الخلاف حول التعريف يعود إلى الجدل المتكرر حول حرية التعبير من جهة، وإلى “المفارقة الإسلاموفوبية” من جهة أخرى، حيث إن المماطلة في اعتماد التعريف تُعدّ بحد ذاتها شكلاً من أشكال التمييز.
وتلفت إلى أن عدداً كبيراً من الاعتداءات لا يُبلّغ عنه ولا يدخل الإحصاءات، ما يجعل التعامل مع الظاهرة أكثر تعقيداً. وتنقل عن البارونة سعيدة وارسي قولها: “لا يمكنك التعامل مع مشكلة لا تجرؤ على تعريفها”، معتبرة أن الوضع الراهن يترك المسلمين عرضة لاعتداءات يومية تشمل الإهانات والاعتداءات الجسدية وتصاعد خطاب اليمين المتطرف.
وترى الباحثة أن التعريف الفعّال يجب أن يشمل البعدين الفردي والمؤسسي للإسلاموفوبيا، لأن التمييز ضد المسلمين في بريطانيا لم يعد مقتصراً على الاعتداءات المباشرة، بل يمتد إلى ممارسات منهجية داخل مؤسسات الدولة والمجتمع.
ومع استمرار الجدل وغياب توافق سياسي، يترقب المسلمون في بريطانيا ما ستؤول إليه مسودة التعريف النهائي، وسط مطالبات متزايدة باعتباره خطوة ضرورية لمواجهة الكراهية وترسيخ مبدأ المساواة في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى