باكستان

ريادة السيدة خديجة (رضوان الله عليها) تُلهم النساء المسلمات في الهند: إرثٌ يتجدد عبر القرون

ريادة السيدة خديجة (رضوان الله عليها) تُلهم النساء المسلمات في الهند: إرثٌ يتجدد عبر القرون

تتجدد مكانة السيدة خديجة بنت خويلد “رضوان الله عليها” اليوم كمصدر إلهام مركزي للنساء المسلمات في الهند، اللواتي يواجهن تحديات العمل والأسرة وضغوط المجتمع، مستمدّات من سيرتها قوةً وصبراً وبصيرة. فخديجة الكبرى لم تكن أول من آمن بالدعوة المحمدية فحسب، بل كانت أيضاً أول سيدة أعمال موثقة في التاريخ، ورمزاً للاعتماد على الذات والقيادة الأخلاقية.
تكشف سيرة السيدة خديجة (رضوان الله عليها) عن شخصية استثنائية جمعت بين قوة الإيمان ونقاء التعامل وحكمة الإدارة. فقد أدارت أعمال والدها بعد وفاته، وامتدت قوافل تجارتها إلى سوريا واليمن ومصر والبصرة، حتى بات اسمها-كما يذكر ابن سعد-“أقوى ضمان في سوق مكة”.
ولم تكن تجارتها مجرد نشاط اقتصادي، بل نموذجاً لمبادئ الصدق والرحمة والالتزام بخدمة المجتمع، إذ يشير المقريزي إلى أنها “كانت تعتبر الربح وسيلة لمساعدة الآخرين”، فيما يوثّق الطبري أن نصف قوافل مكة كانت تحمل اسمها.
هذه الريادة المبكرة جعلت منها صوتاً مؤثراً في مجتمع لم يكن يمنح النساء مساحة للتعليم أو القرار. ومع ذلك، كانت تخوض شراكاتها التجارية بإرادة حرة، وتعلن مواقفها بثقة، وتُقدِم على اختيار النبي محمد (صلى الله عليه وآله) زوجاً لما رأته فيه من أمانة واستقامة.
اليوم، تُجسّد عشرات النماذج النسائية في الهند هذا الإرث الخالد، فالعشرات من النساء الهنديات تستلهم من السيدة العظيمة الكثير من هذه التجارب لتتجلى دروسها لديهن في الصدق، والسمعة والنجاح، والقيادة والبصيرة.
أبرز ما ميّز السيدة خديجة كان قدرتها على اكتشاف المواهب، ويُعد تعيينها الشاب محمد (صلى الله عليه وآله) لقيادة قوافلها قراراً يكشف عمق بصيرتها، إذ آمنت بالكفاءة لا بالنوع الاجتماعي. رؤية مشابهة تتكرر اليوم لدى رائدات الأعمال الهنديات اللواتي يخلقن فرصاً اقتصادية واجتماعية داخل مجتمعاتهن.
كما يعكس التزام السيدة خديجة بالعمل الخيري نموذجاً متقدماً لريادة الأعمال الاجتماعية؛ فقد أنفقت الكثير من مالها لمساندة الفقراء والأيتام، ووقفت بكل ثروتها إلى جانب النبي (صلى الله عليه وآله) خلال سنوات المقاطعة، لتثبت أن القيادة الحقيقية مزيج من المبادرة الاقتصادية والرحمة الإنسانية.
تُظهر قصص النساء المسلمات في الهند أن إرث السيدة خديجة (رضوان الله عليها) ما زال حيًّا، يتنفس في كل تجربة نسائية تجمع بين الإيمان والعمل والاعتماد على الذات. ومن خلال توازنهن بين البيت والمهنة وخدمة المجتمع، يؤكدن أن النجاح الحقيقي-كما علمت خديجة-هو ذلك الذي يُبنى على الأخلاق، ويُثمر خيراً يتجاوز حدود الفرد إلى المجتمع كله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى