العالم

شحّة المياه أزمة عالمية صامتة تهدد الأمن الإنساني والاقتصادي

شحّة المياه أزمة عالمية صامتة تهدد الأمن الإنساني والاقتصادي

تتصاعد أزمة المياه في العالم لتصبح إحدى القضايا الحيوية الصامتة التي تهدد الأمن الإنساني والاقتصادي، وسط تزايد الطلب عليها واستنزافها بمعدلات تفوق سرعة تكوّنها. ومع استمرار التغيرات المناخية واستخدام الإنسان غير المستدام للمياه، تواجه العديد من الدول شحاً حاداً في الموارد المائية، مما يثير توترات داخلية ودولية حول هذا المورد الحيوي.
في الشرق الأوسط، تُعدّ إيران من أبرز الدول التي تعاني أزمة مياه غير مسبوقة منذ عقود، حيث يواجه سكان العاصمة طهران خطر نقص المياه لدرجة قد تجبرهم على النزوح إذا لم تتوفر حلول عاجلة. ويعود جزء من المشكلة إلى ممارسات غير مستدامة في الزراعة وبناء السدود والحفر غير القانوني للآبار، إضافة إلى تأثير الجفاف الشديد وتغير المناخ.
العراق وسوريا يواجهان أيضاً أزمة مائية حادة نتيجة انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات، بفعل بناء تركيا سدوداً في المنبع، إلى جانب نقص الأمطار والتلوث وضعف البنية التحتية، ما أدى إلى تقلص مياه الشرب والري، وجفاف الأهوار، ونزوح السكان، وتدهور الأمن الغذائي. أما النزاع حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا فيظل مثالاً على التوترات الإقليمية التي يمكن أن تنشأ بسبب المياه، إذ تعتبر مصر السد تهديداً لأمنها المائي، بينما ترى إثيوبيا أنه ضرورة للتنمية الوطنية.
ولا يقتصر شح المياه على الشرق الأوسط، فالأمازون في أمريكا الجنوبية يواجه انخفاضاً في منسوب مياهه بسبب التغيرات المناخية والاستخدام المفرط والتلوث، ما يؤثر على الملايين من السكان الذين يعتمدون عليه في الشرب والزراعة والنقل.
كما تعاني دول الخليج من ندرة المياه، رغم امتلاكها ثروات نفطية ضخمة، حيث تعتمد على محطات تحلية المياه التي تؤثر على البيئة البحرية والنظم الإيكولوجية، إضافة إلى استنزاف المياه الجوفية التي لم تعد تكفي لسد الطلب المتزايد في الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. وتبذل هذه الدول جهوداً لزراعة محاصيل أقل استهلاكاً للمياه واعتماد تقنيات الري الحديثة، بما في ذلك المياه المعالجة.
وتشير الدراسات إلى أن أزمة المياه ليست مجرد مشكلة طبيعية، بل هي نتيجة مزيج من التغيرات المناخية وزيادة الاستهلاك واستنزاف الموارد الطبيعية، ما يجعل الحلول المستدامة صعبة التنفيذ ويهدد ملايين الأشخاص بالنزوح والنقص الغذائي والصحي.
ويبقى السؤال حول مدى استعداد العالم لمواجهة هذه الأزمة الصامتة، خاصة مع تزايد السكان والاحتياجات الصناعية والزراعية، وغياب التعاون الدولي الفعّال في إدارة الموارد المائية المشتركة، ما يجعل من شح المياه قضية استراتيجية تحتاج إلى اهتمام عاجل ومستمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى