أفريقيا

تقارير دولية تحذر من تدهور أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في تونس

تقارير دولية تحذر من تدهور أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في تونس

حذّرت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، في تقارير متطابقة، من تصاعد القيود المفروضة على الحريات العامة والمنظمات الحقوقية في تونس، وسط مخاوف متزايدة من انتهاكات تطال ناشطين ومحامين ومعارضين، وتراجع استقلال القضاء.
وأفادت منظمة العفو الدولية بأن السلطات التونسية كثّفت خلال الأشهر الماضية ملاحقاتها لمنظمات المجتمع المدني عبر الاعتقالات التعسفية وتجميد الحسابات البنكية وإيقاف الأنشطة بقرارات قضائية، متهمة هذه المنظمات بتلقي تمويلات “مشبوهة” أو بتهديد “الأمن القومي”. وأشارت إلى أنّ ستة من موظفي المجلس التونسي للاجئين يُحاكمون على خلفية عملهم الإنساني، في قضية بدأت في أكتوبر وأجّلت إلى أواخر نوفمبر، بينما تلقت 14 منظمة على الأقل أوامر بتعليق نشاطها لمدة شهر، من بينها رابطة النساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وموقع نواة وفرع المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب.
ووفق التقرير ذاته، شهدت البلاد حملات مداهمة وتحقيقات مالية طالت ما لا يقل عن عشرين منظمة، إضافة إلى قيود مصرفية وتأخر التحويلات الخارجية، بالتزامن مع تصاعد حملات تشويه تتهم الجمعيات بالعمالة والسعي إلى “توطين” مهاجرين أفارقة في تونس.
من جانبها، قالت هيومن رايتس ووتش إن محكمة تونسية ستنظر في 17 نوفمبر استئناف 37 متهماً صدرت بحقهم أحكام قاسية بالسجن وصلت إلى 66 عامًا في قضية “التآمر على أمن الدولة”. واعتبرت المنظمة أنّ المحاكمة افتقدت إلى ضمانات العدالة، وأن التهم ليست مبنية على أدلة كافية، مشيرة إلى أن عدداً من المتهمين أمضوا أكثر من عامين في الإيقاف التحفظي خلافًا للقانون.
وفي سياق متصل، أشارت هيومن رايتس ووتش إلى ملاحقات استهدفت محامين من هيئة الدفاع بتهم تتعلق بنشر “معلومات كاذبة” أو “الإساءة للقضاء”، معتبرة ذلك خطوة تهدف إلى إسكات الأصوات المدافعة عن المتهمين. ورأت المنظمة أن تآكل استقلال القضاء منذ إجراءات 25 يوليو 2021، ولا سيما حلّ المجلس الأعلى للقضاء، مهّد لتفاقم الانتهاكات وتسييس الملفات القضائية.
وأمام هذا الوضع، دعت المنظمتان السلطات التونسية إلى الإفراج عن النشطاء المحتجزين تعسفيًا، ورفع قرارات تجميد الأرصدة وتعليق الأنشطة، ووقف المحاكمات المبنية على تهم تتعلق بالتمويل الأجنبي أو العمل مع المهاجرين، إضافة إلى ضمان شروط المحاكمة العادلة في قضايا “التآمر” وفتح تحقيقات في الاعتداءات داخل السجون.
في المقابل، أكدت السلطات التونسية تمسكها بمسار الإصلاح وحماية الحقوق الأساسية. وقال وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، خلال عرض تونس تقاريرها أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في أكتوبر الماضي، إن البلاد ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان وترسيخ قيم الكرامة والحرية ضمن نظام ديمقراطي قائم على القانون والمساواة. وشدد على أن تونس تواصل جهودها لضمان حقوق جميع المواطنين، بما في ذلك الفئات الضعيفة، إضافة إلى حماية حقوق المهاجرين، مجددًا رفض بلاده لأيّ مساعٍ لفرض توطين قسري للأجانب أو نقلهم بما يهدد الاستقرار.
ويأتي هذا التباين بين مواقف المنظمات الحقوقية والسلطات التونسية في ظل نقاش واسع داخليًا ودوليًا بشأن وضع الحريات العامة، وما إذا كانت البلاد تتجه نحو مزيد من التضييق أو نحو إصلاحات تخضع لرقابة ومتابعة مستمرة من مختلف الأطراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى