تقرير بحثي يكشف مجازر جماعية في الفاشر ويضع العدالة الدولية على المحك

تقرير بحثي يكشف مجازر جماعية في الفاشر ويضع العدالة الدولية على المحك
كشف مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل بالولايات المتحدة عن مواقع عمليات قتل جماعي في مدينة الفاشر السودانية، حيث تظهر صور الأقمار الاصطناعية “أكواماً من الجثث” وأماكن إعدام مدنيين قرب المستشفيات والمراكز العامة. ويشير التقرير إلى أن المدينة، التي كان يقطنها قبل الاجتياح نحو 250 ألف شخص، تحولت إلى مساحة شبه خالية من الحياة، مع مقتل الآلاف وتهجير نحو 36 ألف شخص فقط إلى مناطق أكثر أمناً.
وجاءت هذه الأرقام لتسلط الضوء على الانتهاكات الممنهجة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع خلال سيطرتها على المدينة، بما في ذلك القصف على الأسواق والمستشفيات، ومنع دخول الغذاء والمساعدات، وعمليات إعدام ميدانية واغتصاب واستعباد للنساء والفتيات. وأكد التقرير وجود 31 موقعاً يشتبه باحتوائها على جثث، مع إشارات واضحة على حرق الجثث ومحاولات طمس الأدلة، بما يعكس “تطهيراً جماعياً ممنهجاً” للمدينة.
ويؤكد التقرير، الذي جمع بين تحليل صور الأقمار الاصطناعية وشهادات الناجين، أن هذه الأعمال لا يمكن تفسيرها إلا باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، مع توثيق أدلة رقمية وبصرية صامتة تدين الانتهاكات.
وتشير شهادات ناجين ومنظمات أممية إلى أن المدنيين تعرضوا لإطلاق نار عشوائي، وعمليات اختفاء للرجال والفتيان، وعنف جنسي ممنهج ضد النساء، إضافة إلى إجبار النازحين على التبرع بالدم قسراً في مراكز الاحتجاز.
ويحذر التقرير من أن السودان يقف على حافة كارثة إنسانية كبرى، إذ تتآكل مقومات الحياة الأساسية في دارفور وكردفان والخرطوم، مع تزايد مؤشرات المجاعة وتدهور النظام الصحي، فيما يظل المجتمع الدولي عاجزاً عن فرض آليات ردع فعالة على الأرض.
ويُبرز التقرير دور الأدلة الرقمية والأقمار الاصطناعية في خلق قاعدة علمية لمساءلة المسؤولين، ويمثل خطوة أولى نحو العدالة، إذ يمكن أن تستخدم هذه البيانات في فتح تحقيقات قضائية دولية، رغم البطء الهيكلي في آليات المحكمة الجنائية الدولية والضغط السياسي المحدود من القوى الكبرى.
وتظل الفاشر، وفق التقرير، مرآة مأساوية لتدهور الوضع الإنساني في السودان، فيما يواجه المجتمع الدولي اختباراً أخلاقياً وسياسياً في ترجمة التوثيق الدقيق إلى إجراءات قانونية وعقابية، لضمان عدم الإفلات من العقاب وحماية المدنيين في المستقبل.




