كارثة بيئية غير مسبوقة في العراق.. نفوق جماعي للحيوانات واختفاء “العنبر” بسبب الجفاف

كارثة بيئية غير مسبوقة في العراق.. نفوق جماعي للحيوانات واختفاء “العنبر” بسبب الجفاف
في مشهد ينذر بانهيار بيئي وزراعي خطير، حذّرت لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي من أن البلاد تمرّ بأسوأ أزمة مائية في تاريخها الحديث، تسببت في خسائر هائلة بالثروة الحيوانية والسمكية، وتهدد بتدمير الموسم الزراعي بالكامل واختفاء رموز الزراعة الوطنية مثل محصول العنبر الشهير.
وقالت ابتسام الهلالي، عضو اللجنة، إن “العراق يعيش مرحلة حرجة جدًا مائيًا وزراعيًا، إذ لم يحصل على الإطلاقات المائية الكافية هذا العام، وحتى الآن لم تُعلن الخطة الزراعية للموسم الحالي”، مشيرة إلى أن الخطة المرتقبة “ستتضمن تقليصًا كبيرًا في المساحات المزروعة”.
وأضافت أن “محصول العنبر العراقي، الذي يعد أحد رموز الهوية الزراعية للبلاد، سيختفي هذا العام نتيجة شحّ المياه، فيما انخفضت الثروة الحيوانية بنسبة 70%، وتكبد قطاع الثروة السمكية والزراعي خسائر جسيمة”.
وأكدت الهلالي أن الأهوار العراقية “انتهت تقريبًا” بعد انخفاض منسوب المياه فيها، مما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الطيور والحيوانات التي كانت تعتمد على بيئتها، معتبرة أن ما يجري يمثل “تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي والبيئي في العراق”.
وأوضحت أن اللجنة التقت وزير الموارد المائية لبحث الأزمة، مشيرة إلى أن “الوزارة تبذل جهودًا للحدّ من الأضرار، لكن حجم الكارثة يتطلب تحركًا حكوميًا عاجلًا وتعاونًا إقليميًا لضمان الحصص المائية من دول المنبع ودعم خطط إنعاش الزراعة والبيئة”.
ووفق تقارير الأمم المتحدة، يُعدّ العراق من أكثر خمس دول في العالم عرضة للتغيرات المناخية، فيما حذّر البنك الدولي في عام 2022 من أن البلاد تواجه “تحديًا مناخيًا طارئًا” يستدعي تحولًا نحو نموذج تنموي أكثر استدامة وأقل اعتمادًا على الكربون.
كما أعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان مطلع 2025 أن العراق فقد نحو 30% من أراضيه الزراعية المنتجة خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب التغيرات المناخية والتصحر، وهو ما يشكّل خطرًا كبيرًا على الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
وتشير بيانات وزارة الموارد المائية إلى أن مناسيب نهري دجلة والفرات تراجعت بشدة خلال السنوات الأربع الأخيرة، نتيجة شح الأمطار والثلوج في دول المنبع، إلى جانب التوسع العمراني غير المنضبط الذي حوّل آلاف الدونمات الزراعية إلى أراضٍ سكنية وتجارية.
وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، لم تعد مساحة الغابات في العراق تتجاوز 2% فقط من مساحة البلاد، فيما تؤكد وزارة الزراعة أن العراق بحاجة إلى زراعة 15 مليار شجرة لاستعادة غطائه النباتي ومكافحة التصحر الذي يلتهم سنويًا أكثر من 100 ألف دونم من الأراضي الزراعية.
ويحذر خبراء البيئة من أن استمرار هذا التدهور قد يجعل العراق في غضون عقد واحد بلدًا شبه خالٍ من التنوع البيولوجي، مؤكدين أن “السكوت عن الجفاف اليوم يعني اختناق الحياة غدًا”.



