إندونيسيا تقود ثورة بيئية إسلامية بمساجد صديقة للبيئة

إندونيسيا تقود ثورة بيئية إسلامية بمساجد صديقة للبيئة
في تجربة فريدة تجمع بين الدين وحماية البيئة، تتصدر إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم، المشهد العالمي بمبادرة “الإسلام الأخضر”، الذي يهدف إلى مواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق الاستدامة البيئية عبر مشاريع مبتكرة، أبرزها بناء مساجد صديقة للبيئة من مواد معاد تدويرها مثل البلاستيك وقشور الأرز.
في بلدة جاروت غرب جاوة، يستعد السكان لافتتاح مسجدين توأمين صديقين للبيئة، جدرانهما مصنوعة من 12 طنًا من البلاستيك المعاد تدويره و24 طنًا من قشور الأرز، في خطوة تهدف إلى تقليل النفايات وحماية آلاف الأشجار، وفق ما ذكر مدير مدرسة “ويلاس آسيه”، عرفان أمالي.
وتتجاوز هذه المبادرة الجانب الرمزي، إذ ساهمت المدرسة في تحويل أكثر من 200 منزل محلي إلى نموذج “صفر نفايات”، مؤكدة قدرة المجتمع المسلم على دمج الممارسات البيئية ضمن حياته اليومية. ويواجه الأرخبيل الإندونيسي تحديات ضخمة تشمل ارتفاع منسوب البحار والأعاصير والتلوث الهوائي والمائي، بالإضافة إلى إزالة الغابات لأغراض زراعة النخيل وفقدان التنوع البيولوجي، ما يجعل الإسلام الأخضر استجابة عملية وضرورية.
وتبرز المبادرات البيئية في المساجد والمدارس كوسيلة لترسيخ الوعي البيئي، من خلال ربط الصلاة والعبادة بالحفاظ على الموارد الطبيعية وترشيد استهلاك المياه والكهرباء وإعادة التدوير. ويؤكد المحلل البيئي رحمت نوجروهو أن مصداقية العلماء والدعاة تجعلهم قادرين على تغيير السلوك المجتمعي أكثر من أي جهة حكومية، مشيراً إلى أن دعمهم يضاعف أثر هذه المبادرات ويجعلها جزءًا من حياة المسلمين اليومية.
وتسعى المدارس الإسلامية إلى إدراج موضوعات بيئية في المناهج الدراسية، بينما تشارك المساجد في برامج إعادة التدوير وترشيد الطاقة، لتصبح حركة الإسلام الأخضر جماهيرية وتلهم المجتمع نحو الالتزام البيئي كمسؤولية دينية وروحية.
رغم التقدم، تواجه المبادرات مقاومة من بعض التيارات التي تعتبر أن التركيز على البيئة يصرف الانتباه عن الأولويات الدينية والسياسية، إضافة إلى تحديات التمويل وضرورة جعل الرسائل البيئية واقعية ومفهومة للجميع.
وتظهر تجارب التعاون بين الجمعيات الدينية والبيئية لإعادة التشجير ومكافحة التلوث أن دمج التعاليم الإسلامية مع حماية البيئة ليس فكرة نظرية فقط، بل استراتيجية قابلة للتطبيق، تؤكد أهمية التزام الفرد والمؤسسات الدينية على حد سواء لتحقيق تأثير فعّال ومستدام.
ويأمل المراقبون في أن تصبح تجربة إندونيسيا نموذجًا يحتذى به لدول إسلامية أخرى، في سبيل استثمار القيم الدينية والروحية لمواجهة التحديات البيئية العالمية، وتقديم مثال عملي يربط بين الدين وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.