أوروبا

متحف “الحياة المسلمة” في ألبانيا.. مبادرة فريدة لإحياء الهوية الإسلامية وتوثيق ذاكرة القمع الشيوعي

متحف “الحياة المسلمة” في ألبانيا.. مبادرة فريدة لإحياء الهوية الإسلامية وتوثيق ذاكرة القمع الشيوعي

افتُتح في ألبانيا متحف “الحياة المسلمة”، المعروف أيضًا بـ”متحف الفن والتراث الإسلامي الألباني”، ليكون مبادرة ثقافية وتعليمية رائدة تهدف إلى حفظ وعرض وتكريم الهوية الإسلامية للألبان، في خطوة غير مسبوقة على مستوى ألبانيا ومنطقة البلقان.
يجمع المتحف بين ثلاثة أبعاد أساسية: الإرث الإسلامي العميق في ألبانيا والبلقان، وتاريخ الاضطهاد الديني في الحقبة الشيوعية (1945-1990)، واستمرارية الحياة والثقافة الإسلامية والإبداع الحي حتى يومنا هذا. ويسعى إلى معالجة فراغ كبير في الوعي العام والذاكرة الجماعية، إذ لطالما تعرّض التاريخ الإسلامي في ألبانيا للتهميش أو التشويه في السرديات الرسمية، بينما قمع النظام الشيوعي جميع الأديان، فهُدمت المساجد والتكايا والكنائس، وسُجن رجال الدين أو أُعدموا، وحُظرت الممارسات الدينية.
يمثل المتحف فضاءً للذاكرة والتجديد، حيث يسلط الضوء على المساهمات الفكرية والعلمية للعلماء المسلمين الألبان، ويعرض تفاصيل الحياة الدينية اليومية للألبان عبر الأجيال، كما يوثق معاناتهم وصمودهم خلال عقود القمع. وتتنوع مقتنياته بين قطع أثرية نادرة، ومخطوطات، وفنون دينية، ونماذج معمارية، وصور فوتوغرافية، وروايات شفهية، لتقديم سرد متجذر في التقاليد ومواكب للحداثة.
إلى جانب المعروضات، ينظم المتحف فعاليات ثقافية ومحاضرات عامة تتناول الشعر والأناشيد الدينية، إضافة إلى برامج تعليمية بالتعاون مع المدارس والجامعات لتعزيز الفهم التاريخي وتشجيع التفكير النقدي. كما يهدف إلى إشراك الشباب وتشجيع الحوار المجتمعي حول التراث الإسلامي.
وقد أطلق المعهد القائم على المشروع ثلاثة معارض كبرى لدعم رسالته، أبرزها:
ـ “تُرفع الستارة”، الذي عُقد في أبريل 2024، ويضم مخطوطات وأشياء مقدسة نجت من حملة النظام الشيوعي ضد الدين.
ـ “طريق الحروف”، الذي أقيم في أكتوبر 2024، وخصص للمخطوطات والخطوط الإسلامية من مدينة شكودرا شمال ألبانيا.
ـ “أيقونات الأفيون”، الذي افتُتح في أبريل 2025، ويستعرض الدعاية الإعلامية التي استخدمها النظام الشيوعي لمحاربة المؤسسات الدينية.
يمثل متحف “الحياة المسلمة” فضاءً فريدًا يجمع بين التاريخ والروحانية والفن، ويسعى إلى إعادة الاعتبار للتراث الإسلامي الألباني، وتمكين المسلمين الألبان من رؤية هويتهم كجزء أصيل من التاريخ الوطني والأوروبي. كما يوجه دعوة للمجتمع الأوسع لإعادة اكتشاف الماضي المشترك، ليكون المتحف مؤسسة حية تعيد إحياء الذاكرة وتلهم الأجيال المقبلة بحيوية وتجدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى