منظمات حقوقية: تحقيق الحكومة السورية في أحداث الساحل يفتقر للشفافية ويغفل دور القيادات العليا

منظمات حقوقية: تحقيق الحكومة السورية في أحداث الساحل يفتقر للشفافية ويغفل دور القيادات العليا
انتقدت ثلاث منظمات حقوقية، اليوم الثلاثاء، ما وصفته بضعف الشفافية في التحقيق الذي أجرته الحكومة السورية بشأن أعمال العنف التي شهدتها ثلاث محافظات سورية في آذار/مارس الماضي، معتبرة أنّ التحقيق لم يتطرق لدور كبار القادة العسكريين والمدنيين أو لمسألة محاسبتهم.
وأصدرت منظمات “هيومن رايتس ووتش”، و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، و”الأرشيف السوري” تقريراً مشتركاً بعنوان “أنت علوي؟.. الاستهداف القائم على الهوية خلال المرحلة الانتقالية في سوريا”، وثّق الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية والجماعات الموالية لها، بما في ذلك الإعدامات الميدانية، تدمير الممتلكات، إساءة معاملة المحتجزين، والانتهاكات القائمة على الهوية.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن التحقيق الحكومي الذي عُرض في 22 تموز/يوليو الماضي، وأقر بمقتل 1.426 شخصاً وإحالة 298 مشتبهاً بهم إلى القضاء، لم يوضح ما إذا كان شمل دور كبار المسؤولين في وزارة الدفاع أو غيرها من الجهات التي أشرفت على العمليات العسكرية. وأشارت إلى أنّ النتائج تؤكد وقوع فظائع جماعية ضد المدنيين، لكنها أغفلت الجوانب المؤسسية الأعمق المرتبطة بالمسؤولية القيادية.
التقرير الحقوقي اعتمد على أكثر من 100 مقابلة مع شهود وضحايا ومقاتلين وصحافيين، بالإضافة إلى مواد سمعية بصرية وصور أقمار صناعية. وأظهر أن الانتهاكات طالت أكثر من 24 بلدة وقرية وحي خلال الفترة من 6 إلى 10 آذار/مارس، حيث وثّقت عمليات إعدام، مداهمة للمنازل، نهب، وحرق ممتلكات، إلى جانب استهداف على أساس الهوية.
المنظمات الثلاث شددت على أن وزارة الدفاع لعبت دوراً مركزياً في تنسيق العمليات وحشد عشرات آلاف المقاتلين، ما يجعل غياب المحاسبة للمسؤولين الكبار تقصيراً يفتح الباب أمام تكرار الانتهاكات. وقال بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، إن “السؤال لا يتعلق فقط بمن أصدر الأوامر، بل لماذا لم يتمكن أي شخص مسؤول من وقف القتل والنهب واسع النطاق”.
كما أشار التقرير إلى أن أنماط الاعتقال التعسفي والانتهاكات على أساس الهوية لم تبدأ في آذار/مارس فقط، بل سبقتها حملات مشابهة في حمص وريف حماة، وامتدت لاحقاً إلى محافظة السويداء في تموز/يوليو، حيث أفاد السكان المحليون بوقوع إعدامات ونهب وتدمير ممتلكات خلال عمليات أمنية.
المنظمات الثلاث رحّبت بالتزام اللجنة الوطنية السورية المعلن بتحقيق العدالة، لكنها طالبت السلطات بنشر التقرير الكامل وحماية الشهود وضمان محاكمات عادلة لا تقتصر على الجرائم الفردية بل تشمل المسؤولية المؤسسية. كما دعت إلى فتح المجال أمام آليات المساءلة الدولية، وتنفيذ إصلاحات أمنية وهيكلية شاملة، معتبرة أن ما جرى في الساحل “ليس حدثاً معزولاً بل جزء من نمط أوسع يستدعي معالجة جذرية”.