العالم

ثمانون عاماً على ميثاق الأمم المتحدة.. بين الآمال العريضة وأزمات المصداقية

ثمانون عاماً على ميثاق الأمم المتحدة.. بين الآمال العريضة وأزمات المصداقية

يشهد العالم في 26 سبتمبر/ أيلول الجاري مرور ثمانين عاماً على توقيع ميثاق الأمم المتحدة في مدينة سان فرنسيسكو الأمريكية عام 1945 من قِبل خمسين دولة، إيذاناً ببدء عهد جديد في العلاقات الدولية يقوم على سيادة القانون وحل النزاعات بالطرق السلمية. وبمناسبة الذكرى، أقيم في مقر المنظمة الدولية معرض فني بعنوان «إحياء روح سان فرنسيسكو» ضم النسخة الأصلية من الميثاق وتوقيعات الدول المؤسسة.
الميثاق الذي جاء عقب حربين عالميتين وفشل عصبة الأمم حمل رؤية لإنقاذ الأجيال من ويلات الحروب، وصاغ ثلاثة أهداف رئيسية مترابطة: صيانة السلم والأمن الدوليين، حماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية الشاملة. غير أنّ تقييم العقود الثمانية الماضية يكشف فجوة واسعة بين الطموحات والواقع؛ إذ شهد العالم الحرب الباردة، وانفجرت نزاعات دموية في رواندا والعراق والسودان وأوكرانيا وغزة، فيما تواجه المنظمة اليوم تحديات عابرة للحدود مثل التغير المناخي والإرهـ،ـاب والجريمة السيبرانية والذكاء الاصطناعي.
ويرى خبراء أنّ الأمم المتحدة تعيش أزمة مصداقية بسبب عجز مجلس الأمن وشلل قراراته نتيجة استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول الدائمة العضوية، كما حدث بشأن أوكرانيا وغزة. وقال ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية إن المنظمة “تعاني محناً متكررة، ورغم التنبؤ بنهايتها في كل أزمة كبرى، فإنها تستمر”. أما روموالد سيورا من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية فاعتبر أنّ الأمم المتحدة “تتلاشى ببطء وتتحول إلى طيف سياسي”.
مع ذلك، يشير الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى أنّ المنظمة “لم تكن يوماً أكثر ضرورة مما هي عليه الآن” في ظل تصاعد الأزمات والنزاعات. وقد أطلق مبادرة “الأمم المتحدة 80” لإصلاحات مؤلمة تشمل إلغاء آلاف الوظائف وتقليص النفقات، في وقت تواجه فيه المنظمة أزمة مالية خانقة مع تراكم متأخرات على الولايات المتحدة والصين ودول أخرى.
ويرى خبراء أن الذكرى الثمانين تمثل فرصة لدفع إصلاحات حقيقية، أبرزها توسيع عضوية مجلس الأمن ليشمل مقاعد إضافية خاصة لإفريقيا، والحد من إساءة استخدام الفيتو، وتحقيق عدالة أكبر في القرارات المالية داخل المؤسسات الدولية. كما يقترح البعض نقل بعض الهيئات من نيويورك إلى مدن أقل تكلفة مثل نيروبي.
ورغم الإخفاقات، يبقى للأمم المتحدة دور ملموس في تقديم المساعدات الإنسانية عبر برنامج الأغذية العالمي الذي دعم أكثر من مئة مليون شخص العام الماضي، ونشر قوات حفظ السلام في بؤر التوتر. وكما يرى الخبراء، فإن غياب المنظمة قد يجعل العالم “أسوأ” مما هو عليه، الأمر الذي يجعل إصلاحها ضرورة لا خياراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى