أوروبا

تراجع مؤشرات التسامح في ألمانيا وحادثة تهديد لسيدة محجبة تثير القلق

تراجع مؤشرات التسامح في ألمانيا وحادثة تهديد لسيدة محجبة تثير القلق

كشفت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة روبرت-بوش للدراسات عن تراجع مقلق في مستويات تقبّل المجتمع الألماني للتنوع خلال السنوات الخمس الأخيرة، بما في ذلك التنوع الديني والعرقي. ووفقاً للدراسة، فإن 34% فقط من الألمان يرون في التنوع الديني “إثراءً للمجتمع” مقارنة بـ44% عام 2019، فيما هبط تقبّل التنوع العرقي من 73% إلى 56%. كما تراجع المؤشر العام للتنوع (Vielfaltsindex) من 68 نقطة في 2019 إلى 63 نقطة هذا العام.
الخبراء عزوا هذا التراجع إلى الأزمات العالمية المتلاحقة مثل جائحة كورونا، الحروب، والأزمات الاقتصادية، التي عمّقت الشعور بعدم الأمان، وأدت إلى صعود نزعات الانغلاق ورفض المختلف، خصوصاً فيما يتعلق بالدين والثقافة. وبرز هذا التراجع بشكل خاص في ولايات ألمانيا الغربية الكبرى، ما جعل الفجوة التقليدية بينها وبين الشرق تضيق ليس نتيجة تحسّن في الشرق، بل بسبب التراجع الحاد في الغرب.
المناخ المتوتر انعكس ميدانياً في حادثة شهدتها مدينة بريمن، حيث تعرضت سيدة مسلمة تبلغ 31 عاماً، كانت تحمل طفلتها، لتهديد صادم من رجل مجهول بمحطة هورنر مول للترام. المعتدي صرخ في وجهها طالباً منها خلع الحجاب، وهدد بقتلها، ثم صعّد تهديداته بالقول: “إذا لم تحذفي الصورة سأقتل ابنتك”، بعدما حاولت تصويره بهاتفها. وبعد فراره على متن الترام رقم 4، فتحت شرطة بريمن تحقيقاً بالحادثة ودعت الشهود لتقديم إفادات.
الحادثة أثارت ردود فعل واسعة، حيث أصدر المجلس الإسلامي الأعلى في ألمانيا بياناً استنكر فيه هذه الاعتداءات المتكررة ضد المسلمين، مشدداً على أن الدستور الألماني يكفل حقوقهم وحرياتهم. الرئيس العام للمجلس، عبد الصمد اليزيدي، أكد أن هذه التهديدات المتصاعدة تستلزم تحركاً سياسياً ومجتمعياً يتجاوز الإدانة اللفظية نحو سياسات فعّالة تضمن الحماية وتردع المعتدين.
ويأتي ذلك في ظل تقرير حديث لتحالف CLAIM، وثّق 3080 حادثة عنصرية معادية للمسلمين في ألمانيا خلال عام واحد، بزيادة بلغت 60% عن عام 2023، أي بمعدل أكثر من ثمانية اعتداءات يومياً، شملت حالتي قتل و198 اعتداءً جسدياً بعضها محاولات قتل.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل تهديداً لمبدأ التعايش المشترك، خصوصاً أن المسلمين، الذين يقدر عددهم بنحو خمسة ملايين نسمة، يشكلون جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي في ألمانيا. ويحذر الخبراء من أن تجاهل مثل هذه الحوادث قد يقوّض الثقة بين مكونات المجتمع ويعزز نزعات التطرف والانقسام، مؤكدين أن قوة ألمانيا تكمن في تنوعها، وأن الدفاع عن حقوق المسلمين اليوم هو دفاع عن قيم الديمقراطية والكرامة التي توحد الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى