مسلمو الهند في مهب الكراهية.. تصاعد التحريض والعنف يهدد التعايش والسلم المجتمعي

مسلمو الهند في مهب الكراهية.. تصاعد التحريض والعنف يهدد التعايش والسلم المجتمعي
تعيش الأقلية المسلمة في الهند، والتي تُقدَّر بنحو 200 مليون نسمة يشكّلون قرابة 15% من إجمالي السكان، أوضاعًا مقلقة في ظل تصاعد غير مسبوق لخطاب الكراهية وأعمال العنف الممنهجة، منذ وصول حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي إلى السلطة عام 2014. ورغم أن الدستور الهندي يكفل المساواة بين جميع المواطنين، فإن المسلمين يواجهون سياسات تمييزية تستهدف هويتهم الدينية ووجودهم المجتمعي.
تشمل هذه السياسات تعديل قوانين المواطنة بما يضر بمصالح المسلمين، وحظر الحجاب في بعض الولايات، واستهداف المساجد والمدارس الدينية، إضافة إلى تهميش سياسي متعمد، في ظل تصاعد خطاب الإسلاموفوبيا الذي يغذيه قادة الحزب الحاكم. وقد وصلت الكراهية إلى حد تصريح بعض المسؤولين بوجوب “تطهير الهند من الأقليات”، فيما طالب آخرون بإخضاع المسلمين لعمليات تعقيم للحد من نموهم السكاني.
في سبتمبر 2025، شهدت ولاية “كارناتاكا” تصعيدًا خطيرًا، حيث سجّلت الشرطة قضية ضد القيادي البارز في الحزب الحاكم وعضو مجلس الولاية، المدعو “رافي”، بعد تصريحاته التحريضية خلال مراسم دينية هندوسية. وقال “رافي”: “إذا تصرّف المسلمون باحترام مع الهندوس، سنحترمهم، لكن إن تحدّونا سنقطع رؤوسهم… لا تتحدونا، سنكسر أرجلكم ونقطع رؤوسكم”. وقد تسببت هذه التصريحات في اندلاع اشتباكات طائفية واعتقال 22 شخصًا، وسط دعوات لجماعات يمينية لتنظيم احتجاجات، ما رفع حدة التوتر الطائفي في المنطقة.
ورغم تأكيد الحزب الحاكم رسميًا احترامه لجميع المواطنين، فإن تكرار التصريحات المعادية للإسلام، وعدم اتخاذ إجراءات رادعة بحق مطلقيها، يعزز قناعة المسلمين بأن العداء تجاههم أصبح توجّهًا ممنهجًا. وقد وثّقت منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية انتهاكات عديدة، منها حرمان ملايين المسلمين من الجنسية، وهدم المساجد، وإغلاق المدارس الدينية.
محليًا، شهدت المدن الهندية احتجاجات غاضبة، بينما لجأت المنظمات الإسلامية، ومنها مجلس علماء الهند، إلى تسجيل دعاوى قضائية ضد المحرّضين على الكراهية. دوليًا، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ من تصاعد التحريض ضد المسلمين، فيما أدانت منظمة التعاون الإسلامي مرارًا هذه الخطابات ودعت إلى حماية حقوق الأقليات.
وفي بيان شديد اللهجة، أدان مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تصريحات “رافي”، واعتبرها تحريضًا سافرًا على العنف وتهديدًا مباشرًا للسلم المجتمعي. وأكد المرصد أن استمرار هذه الممارسات يهدد الهوية الوطنية للهند القائمة على التعددية والتنوع، محذرًا من أن خطاب الكراهية ليس حرية رأي، بل وقودٌ يُشعل الفتن. ودعا المرصد السلطات الهندية إلى التحرك الفوري لمحاسبة المحرضين دون تمييز، وحماية المسلمين من التمييز والاضطهاد، مشددًا على أهمية نشر ثقافة التسامح والتعايش بين جميع مكونات المجتمع الهندي.