أمريكا

المدارس الإسلامية في كندا.. ملاذ للهوية وتحدي التكاليف والقبول

المدارس الإسلامية في كندا.. ملاذ للهوية وتحدي التكاليف والقبول

تعد المدارس الإسلامية في كندا ملاذاً تعليمياً وثقافياً للجاليات المسلمة، إذ تسعى هذه المؤسسات إلى توفير بيئة تعليمية تحافظ على الهوية الدينية والثقافية للأسر المهاجرة، في مجتمع يشكل المسلمون فيه أقلية لا تتجاوز نسبتها 7% من السكان. ومع انطلاق العام الدراسي 2026/2025، تبرز تحديات متزايدة أمام هذه المدارس، أبرزها ارتفاع الرسوم الدراسية وطول قوائم الانتظار، ما يجعل الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود في مواجهة صعوبات كبيرة لتسجيل أبنائها.
بدأت المدارس الإسلامية في مدينة كالغاري بمقاطعة ألبرتا بالظهور في أوائل التسعينيات، تزامناً مع تزايد أعداد المهاجرين من الدول العربية والإسلامية. وجاء تأسيس هذه المدارس لتلبية حاجة المجتمعات المسلمة إلى تعليم يجمع بين المنهج الكندي والعلوم الإسلامية، بما في ذلك القرآن الكريم واللغة العربية. وقبل ذلك، كانت الجاليات تعتمد على دروس جزئية تُقدم في المساجد خلال عطلات نهاية الأسبوع، من دون وجود مدارس إسلامية معترف بها رسمياً.
تُركز هذه المدارس على بناء شخصية الطالب وغرس القيم الإسلامية، إلى جانب الأنشطة التعليمية والثقافية التي تساعد على تنمية المهارات الفردية والجماعية. ولا يقتصر دورها على التعليم الديني، بل يشمل تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال الأنشطة التطوعية، والمساهمة في الفعاليات الوطنية، والعمل على دمج الطلاب في المجتمع المحلي مع الحفاظ على هويتهم.
تشهد المدارس الإسلامية إقبالاً متزايداً، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الطلاب المسجلين بشكل يفوق قدرتها الاستيعابية، الأمر الذي تسبب في طول قوائم الانتظار. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها جودة التعليم المقدَّم، وإضافة حصص يومية للقرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وتوفير بيئة تعليمية تحمي الطلاب من الممارسات التي قد تتعارض مع معتقداتهم وقيمهم.
غير أن ارتفاع الرسوم الدراسية يمثل تحدياً بارزاً أمام الأسر، خصوصاً أن بعض المدارس لا تحصل إلا على تمويل جزئي من الحكومة الكندية يصل إلى نحو 70% من التمويل المخصص للمدارس العامة عن كل طالب، بينما تُغطى النفقات الأخرى من خلال رسوم التسجيل. وتؤكد إدارات المدارس أن هدفها غير ربحي، لكن ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات في كندا يفرض رسوماً أعلى للحفاظ على استمرارية العملية التعليمية.
المدارس الإسلامية ملزمة بتدريس المنهج الأكاديمي الرسمي لمقاطعة ألبرتا، مثل الرياضيات والعلوم والدراسات الاجتماعية واللغة الإنجليزية، مع إمكانية إضافة مقررات دينية أو ثقافية، بشرط توافقها مع القيم الكندية ومعايير التعليم. كما تخضع هذه المؤسسات لإشراف دوري من وزارة التعليم لضمان التزامها بالمعايير الأكاديمية والإدارية.
ومع تزايد الطلب على هذا النوع من التعليم، يتطلع أولياء الأمور والمجتمعات المحلية إلى دعم أكبر من السلطات الكندية والمنظمات المعنية، لضمان بقاء هذه المدارس قادرة على أداء رسالتها في حماية الهوية الثقافية والدينية للأجيال الجديدة، وتزويدهم بأدوات النجاح والاندماج الإيجابي في المجتمع الكندي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى