مؤسسات العالم الشيعي

الوجود الشيعي في إندونيسيا بين التاريخ والواقع الديموغرافي

الوجود الشيعي في إندونيسيا بين التاريخ والواقع الديموغرافي

تُعدّ إندونيسيا اليوم أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد المسلمين فيها نحو 245 مليون نسمة، يمثلون 87% من إجمالي السكان، معظمهم من أتباع المذهب الشافعي. غير أن هذا المشهد الديني المتنوع لا يخلو من حضور شيعي لافت، رغم محدودية نسبته مقارنة بالأغلبية السنية.
وتشير تقديرات متباينة إلى أن عدد المسلمين الشيعة في إندونيسيا يتراوح بين مليون وخمسة ملايين نسمة، أي ما يقارب 0.5% من مجموع المسلمين في البلاد. ويتركز معظمهم في العاصمة جاكرتا وضواحيها، إضافة إلى انتشار مجتمعات شيعية أصغر في جزر أخرى. كما توجد أقلية من المسلمين الأحمديين، تُقدَّر بنحو نصف مليون نسمة.
ويعود انتشار الإسلام في الأرخبيل الإندونيسي إلى القرون الوسطى عبر طرق التجارة البحرية والدعاة الصوفيين القادمين من شبه الجزيرة العربية والهند. وقد تسارع هذا الانتشار مع قيام السلاطين المحليين باعتناق الإسلام، حتى أصبح الدين الغالب في البلاد بحلول القرن الخامس عشر، بعد سقوط إمبراطورية «ماجاباهيت» الهندوسية وصعود سلطنة ديماك الإسلامية.
أما الحضور الشيعي، فرغم أنه ظل محدودًا في مراحل تاريخية طويلة، إلا أنه ازداد مع التواصل الثقافي والديني مع إيران والعراق، وبرز بشكل أوضح خلال العقود الأخيرة عبر مؤسسات دينية وثقافية تعمل على نشر فكر أهل البيت عليهم السلام. ويُسجَّل للشيعة في إندونيسيا اهتمامهم بإحياء المناسبات الدينية الكبرى مثل عاشوراء وأربعينية الإمام الحسين عليه السلام، حيث تُقام مواكب ومجالس عزاء في عدد من المدن، أبرزها جاكرتا وباندونغ.
ورغم أن الدستور الإندونيسي ينص على علمانية الدولة مع اعتراف رسمي بستة أديان، إلا أن الأقليات الدينية –ومن بينها الشيعة– واجهت تحديات على صعيد حرية المعتقد، خاصة مع تصاعد خطاب الجماعات المتشددة في بعض المراحل. وقد دعت منظمات حقوقية محلية ودولية مرارًا إلى ضمان حماية هذه الأقليات ضمن إطار التعددية الدينية التي تميز المجتمع الإندونيسي.
ويؤكد مراقبون أن الوجود الشيعي في إندونيسيا يشكّل عنصرًا من عناصر التنوع الإسلامي في البلاد، ويعكس الامتداد العالمي لمدرسة أهل البيت عليهم السلام، خصوصًا أن إندونيسيا –الأرخبيل الأكبر في العالم الإسلامي– باتت ساحة للتفاعل بين مختلف المذاهب الإسلامية، في ظل واقع ديموغرافي متغير وتحديات اجتماعية وسياسية متصاعدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى