في ذكراها السنوية.. “عاصفة الصحراء” وتداعيات الغزو العراقي للكويت: شرارة غيّرت الشرق الأوسط إلى الأبد

في ذكراها السنوية.. “عاصفة الصحراء” وتداعيات الغزو العراقي للكويت: شرارة غيّرت الشرق الأوسط إلى الأبد
تحلّ اليوم السبت الذكرى السنوية لواحدة من أبرز الأزمات السياسية والعسكرية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، ألا وهي غزو العراق للكويت في 2 أغسطس/آب 1990، وما أعقبه من عملية “عاصفة الصحراء”، التي أطلقها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، وانتهت بطرد القوات العراقية من الكويت، وتغييرات استراتيجية كبرى أعادت رسم خارطة المنطقة لعقود لاحقة.
في ساعات الفجر الأولى من ذلك اليوم، اجتاحت القوات العراقية حدود الكويت واحتلت العاصمة خلال ساعات، مدشّنة واحدة من أخطر الأزمات الدولية في النصف الثاني من القرن العشرين. جاء الغزو في ظل أزمة اقتصادية خانقة مر بها العراق بعد حربه الطويلة مع إيران، وتوترات مع الكويت حول أسعار النفط والديون المتراكمة.
سرعان ما أدانت الأمم المتحدة الغزو، وفرضت حظرًا دوليًا على العراق، ثم أصدر مجلس الأمن القرار 678، الذي خوّل استخدام القوة لإجبار العراق على الانسحاب، مانحًا بغداد مهلة تنتهي في 15 يناير/كانون الثاني 1991. لكن المساعي الدبلوماسية فشلت، وتصاعد التوتر حتى بلغ ذروته باندلاع الحرب.
في 16 يناير/كانون الثاني 1991، قبيل منتصف الليل، انطلقت عملية “عاصفة الصحراء” بحملة جوية عنيفة استهدفت البنية التحتية العسكرية والاقتصادية للعراق، تلتها بعد أكثر من شهر عملية برية سريعة استغرقت 100 ساعة فقط، وأسفرت عن انسحاب القوات العراقية من الكويت، في ظل خسائر فادحة.
شهدت العملية مشاركة غير مسبوقة في التحالف الدولي، حيث انضمت 34 دولة، منها الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، السعودية، مصر، وسوريا، وشكّلت الحرب أول تجربة عسكرية في عصر البث التلفزيوني المباشر، ما جعلها تُلقّب بـ”أول حرب تلفزيونية”.
لكن خلف صور الصواريخ “الذكية” والشاشات الملونة، كان الواقع أكثر قسوة. فقد تسببت الضربات الجوية المكثفة في دمار واسع للبنية التحتية العراقية، وأوقعت آلاف القتلى من المدنيين، وأغرقت العراق في عزلة دولية استمرت لسنوات طويلة.
انسحب الجيش العراقي في 28 فبراير/شباط 1991، بعد أن تكبد خسائر بشرية ومادية جسيمة، وأصدر مجلس الأمن قراره 687 القاضي بوقف إطلاق النار، وتفكيك أسلحة الدمار الشامل العراقية، وفرض نظام مراقبة صارم، وإنشاء صندوق تعويضات للكويت.
لقد غيّرت “عاصفة الصحراء” وجه المنطقة. إذ أعادت رسم خريطة التحالفات الإقليمية، وكرّست الحضور الأمريكي العسكري في الخليج، ومهدت لاحقًا لتدخلات أوسع انتهت باحتلال العراق عام 2003.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال تداعيات تلك الحرب حاضرة في المشهد السياسي والأمني العربي، وسط تساؤلات متجددة عن أسبابها، ونتائجها، والدروس التي لم تُستوعب حتى اليوم.