أمريكا

أطفال أميركيون في مهبّ الريح: ملايين مهددون بفقدان آبائهم بسبب سياسات الترحيل الجماعي

أطفال أميركيون في مهبّ الريح: ملايين مهددون بفقدان آبائهم بسبب سياسات الترحيل الجماعي

في مشهد يعكس تصاعد التوترات داخل النسيج الاجتماعي الأميركي، تتزايد المخاوف من موجة ترحيلات جماعية تهدد ملايين الأسر، بعد أن شرعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه المهاجرين غير النظاميين، حتى وإن كانوا آباءً لأطفال يحملون الجنسية الأميركية.
وبحسب تقديرات مؤسسة “بروكينغز” البحثية، فإن نحو 5.6 ملايين طفل أميركي يعيشون في كنف أحد الوالدين على الأقل من دون إقامة قانونية، ما يعرّضهم لخطر حقيقي بفقدان أحد الأبوين في أي لحظة، رغم تمتعهم بكامل حقوق المواطنة.
وتواجه هذه العائلات، التي تشمل آلاف الأسر من أصول عربية، واقعًا مريرًا تعيش فيه حالة دائمة من القلق، كما تؤكد المختصة الاجتماعية بولاية تكساس، لونا رودريغيز، التي حذّرت من آثار نفسية خطيرة على الأطفال، قائلة إن “بعضهم يتعلم من عمر السابعة كيف يتصرف إذا عاد إلى المنزل ولم يجد والديه”.
وفي الوقت الذي تبرر فيه الإدارة هذه السياسات باعتبارات “أمن قومي”، يرى محامون وحقوقيون أن ما يحدث هو تعسف واضح في استخدام السلطة، لا سيما بعد تفعيل “قانون الأجانب الأعداء”، وإلغاء الحماية عن الأماكن الحساسة مثل المدارس ودور العبادة، وتوسيع نطاق الترحيل السريع.
ويشير المحامي المختص في شؤون الهجرة، حيدر سميسم، إلى أن هذه السياسات “تدفع كثيرين إلى التفكير في مغادرة البلاد طوعًا”، بالرغم من الأخطار المحدقة بهم في أوطانهم الأصلية، مؤكدًا أن الترحيل لا يستثني من يملك أبناء يحملون الجنسية الأميركية.
أما على المستوى القانوني، فلا يُمنح الطفل الأميركي حق طلب لمّ الشمل إلا بعد بلوغه 21 عامًا، ولا يقبل الطلب إن لم يدخل الوالد البلاد بصفة قانونية، إلا في حالات نادرة.
وتحذر رودريغيز من أن “الخوف وحده كفيل بتقويض شعور الأطفال بالاطمئنان”، مشيرة إلى أن البعض منهم يُجبر على تمثيل نفسه قانونيًا أمام قاضي الهجرة، في سابقة خطيرة تكشف هشاشة النظام في التعامل مع قضايا اللجوء الإنساني.
ويُعد هذا الواقع جزءًا من أزمة أكبر تعيشها مجتمعات المهاجرين في أميركا، وسط غياب حلول جذرية، واستمرار استخدام الهجرة كورقة سياسية، تُهدد استقرار الملايين، وتدفع بأطفال أبرياء إلى حافة الضياع والتشرد، في بلدٍ لطالما تغنّى بأنه “وطن المهاجرين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى