آسیا

في قلب سنغافورة.. عشيرة “غوو” الصينية تحافظ على جذورها الإسلامية

في قلب سنغافورة.. عشيرة “غوو” الصينية تحافظ على جذورها الإسلامية

في مشهد يجمع بين التنوع الثقافي وعمق التاريخ، تبرز في سنغافورة قصة فريدة لعشيرة “غوو” القادمة من منطقة بايتشي في فوجيان الصينية، التي بالرغم من عقود الاغتراب والاندماج في الثقافة الصينية الحديثة، ما تزال تحافظ على ملامح إسلامية أصيلة تعود إلى أصول عربية أو فارسية قديمة.
ووفق تقرير ميداني سنغافوري ترجمته وكالة “أخبار الشيعة”، يروي كويك هيانغ هوي، أحد كبار العشيرة في سنغافورة، كيف هاجر جده إلى جنوب شرق آسيا في مطلع القرن العشرين هربًا من الفقر والصعوبات، حاملاً معه دينه وهويته التي تجلت في ممارسات يومية وطقوس خاصة. ففي تقاليدهم، يحرص أفراد العشيرة على الامتناع عن تقديم لحم الخنزير في الطقوس الجنائزية، ويستخدمون أدوات طعام مخصصة تُورث عبر الأجيال، في تعبير صامت عن التمسك بالعقيدة الإسلامية.
تحتفي العشيرة سنويًا بمولد “كونغ تيك تشون أونغ”، وهو احتفال يجمع بين التقاليد المحلية وروح الانتماء، حيث تُقام الموائد وترفع الأدعية، ويُستحضر التاريخ عبر كلمات الشيوخ وملامح الأطفال، ما يعكس تلاحم الأجيال وعمق الترابط المجتمعي رغم عوامل التغيير والاندماج.
وتكشف الروايات عن أن بعض الشيوخ في العشيرة كانوا يمتنعون عن لحم الخنزير قبيل وفاتهم، تعبيرًا عن الطهارة الروحية والاستعداد للقاء الأسلاف. كما يرتدي قادة الطقوس أثوابًا بيضاء وقبعات تقارب تلك التي يعرفها المسلمون في آسيا الوسطى، ما يؤكد بقاء رموز الإسلام حاضرة في التقاليد الشعبية.
من جهتها، ترى الأستاذة تشين يو من جامعة سنغافورة أن أصول العشيرة تعود إلى عرب أو فرس استقروا في فوجيان قبل قرون، في مسار طريق الحرير البحري، فاندمجوا في النسيج الصيني لكنهم احتفظوا بهويتهم كموروث حضاري عريق يمتد من مكة إلى تشوانتشو.
تمثل قصة عشيرة “غوو” نموذجًا للمقاومة الناعمة، حيث تستمر الموروثات الصامتة والأواني المغلّفة في الحفاظ على الهوية الإسلامية وسط ثقافة الأغلبية، مؤكدة أن الإسلام ليس دينًا غريبًا على الشرق الأقصى، بل جذور ممتدة عبر قرون من التلاقح الحضاري والحوار الثقافي في آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى