
في تحدٍّ قانوني بارز، رفعت حكومة ولاية كيرالا الهندية طلبًا رسميًا إلى المحكمة العليا في البلاد للطعن في “قانون الوقف (التعديل) لعام 2025″، محذّرة من أن التعديلات المقترحة تُهدد البنية القانونية والتاريخية لنظام الوقف الإسلامي، وتمثّل انتهاكًا صارخًا لحقوق الأقليات الدينية المنصوص عليها في الدستور الهندي.
الطلب، الذي يُعدّ سابقة على مستوى حكومات الولايات، أشار إلى أن التعديل يُقوّض المبادئ الأساسية التي أرساها قانون الوقف لعام 1995، لا سيما مبدأ استمرارية الوقف وحرية الجماعات الدينية في إدارة شؤونها الخاصة دون تدخل خارجي. ونبّهت كيرالا إلى أن القانون المعدّل “ينحرف عن روح التشريع الأصلي”، ويتعارض مع مواد دستورية تضمن حرية الدين والمساواة أمام القانون.
ومن أبرز ما أثار الجدل، اشتراط القانون الجديد أن يُثبت منشئ الوقف أنه “يتبع دين الإسلام منذ خمس سنوات على الأقل”، وهو ما اعتبرته كيرالا شرطًا عبثيًا وغير قابل للتطبيق، يمنح السلطات صلاحيات تقديرية مفرطة في المسائل الدينية، ويؤسس لسابقة خطيرة في التشريع الهندي.
كما انتقدت الولاية إدراج غير المسلمين في مجالس إدارة الأوقاف الإسلامية، معتبرة أن هذا الإجراء يشكّل “تعدّيًا مباشرًا على حقّ المسلمين في إدارة مؤسساتهم الدينية”، ويمثّل خرقًا للمواد الدستورية 14 و25 و26 التي تضمن حرية المعتقد وعدم التمييز.
وفي السياق ذاته، أعلن مجلس الأوقاف في كيرالا رفضه القاطع للتعديلات، واصفًا إياها بأنها “غير دستورية” و”تهدد جوهر العلمانية الهندية”، معتبرًا أن التدخل في هوية الوقف الإسلامي يُعدّ انتقاصًا من الحقوق الأساسية للمواطنين المسلمين.
التحرّك القانوني من كيرالا يأتي في وقتٍ بدأت فيه المحكمة العليا الهندية النظر في القضية، حيث منحت حكومات الولايات ومجالس الأوقاف فرصة لتقديم آرائها وملاحظاتها. وبينما تسعى كيرالا إلى حماية حقوق المسلمين في إدارة أوقافهم، أيدت سبع ولايات أخرى، من بينها آسام وراجاستان، التعديلات المقترحة، مما يعكس انقسامًا سياسيًا وقانونيًا متزايدًا قد يعيد رسم العلاقة بين الدولة ومؤسسات الوقف الديني في الهند.
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة العليا أوامر أولية خلال الأيام المقبلة، في خطوة قد تحدد مسار الصراع القانوني حول مستقبل الوقف الإسلامي في البلاد، وتكشف ما إذا كانت الهند ستنجح في التوفيق بين دستورها العلماني والتعديلات التشريعية التي تثير قلق الأقليات.