آسیاأخبارالعالم الاسلامي

المسلمون في ميانمار ضحايا لقانون الجنسية القمعي وتخاذل الحكومة الموازية عن الإصلاح

ما يزال ملايين المسلمين في ميانمار، وفي مقدمتهم الروهينجا، يرزحون تحت نير قانون الجنسية العنصري لعام 1982، وسط وعود متكررة بالإصلاح سرعان ما تبخرت في دوامة التخاذل السياسي والنفاق الدولي، بحسب منظمات حقوقية وناشطين محليين.
القانون الذي سنّه النظام العسكري بقيادة الجنرال ني وين قبل أكثر من أربعة عقود، وضع الأساس لواحد من أشد أنظمة الفصل العنصري صراحة في آسيا، إذ حدد قائمة ضيقة لما يسمى بـ”الأعراق الوطنية”، ورفض الاعتراف بملايين المواطنين الذين لا يندرجون ضمن هذه القائمة، مما أدى إلى حرمانهم من أبسط حقوق المواطنة، كامتلاك الهوية الوطنية، والحصول على التعليم، والعمل، والرعاية الصحية، بل وحتى الاعتراف القانوني بوجودهم.
ووفق تقارير محلية، فإن آلاف العائلات المسلمة، التي كانت تمتلك في السابق وثائق رسمية تؤكد انتماءها الوطني، جُرّدت بموجب هذا القانون من حقوقها بشكل منهجي، وتحولت إلى ما يشبه “الوجود غير المرئي” في وطنها، دون أن تجد من ينصفها أو يدافع عنها.
وعقب انقلاب عام 2021، علّق كثيرون آمالاً على حكومة الوحدة الوطنية الموازية، التي أصدرت حينها بيانًا يعترف بفظائع الجيش ضد الروهينجا، وتعهدت بإصلاح قانون الجنسية. غير أن الواقع، بعد مرور أكثر من أربع سنوات، كشف عن جمود سياسي وتهرب مستمر من تنفيذ الوعود، إذ لم يُلغَ القانون، ولم يُستبدل، بل دخلت مسألة الإصلاح في متاهات إدارية وتشريعية، وسط انقسامات بين الهيئات المعنية، واجتماعات لا تُعقد، وقرارات لا تُنفذ.
ناشطون وصفوا هذا الوضع بـ”الفضيحة السياسية”، متهمين الحكومة الموازية باستخدام ملف قانون الجنسية كأداة للترويج الدولي دون نية حقيقية لتغيير الواقع على الأرض، خاصة مع ملاحظة أن قوانين أخرى تم تعديلها بسهولة، مما يدل أن العقبة الأساسية لم تكن قانونية، بل سياسية وربما طائفية.
وفي ظل هذا التلكؤ، تستمر معاناة المسلمين في ميانمار، الذين يعيشون اليوم بلا جنسية، ولا حقوق، ولا مستقبل قانوني، كـ”أشباح قانونية”، بحسب وصف تقارير حقوقية، وهو ما دفع مراقبين إلى المطالبة بإلغاء فوري لقانون 1982 واستبداله بتشريع عادل يعيد الكرامة لجميع المواطنين بغضّ النظر عن خلفيتهم الدينية أو العرقية.
ويرى متابعون أن استمرار المماطلة يعني مزيداً من التهميش والانتهاكات بحق أقلية دينية أصيلة على أرضها، ويضع مصداقية الحكومة الموازية أمام اختبار تاريخي لن تغفره ذاكرة الضحايا إن فشلت فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى