من قتل السائحين إلى تدمير الثقة بين جارتين.. من المستفيد من إشعال الجبهة الهندية-الباكستانية؟

لم تكن مجرد نزهة سياحية في وديان “باهالغام” الكشميرية، بل كانت الشرارة التي أشعلت نيران التصعيد، ففي 22 نيسان الماضي، شنت جماعة “جيش محمد” الإرهـ،ـابية، هجومًا دمويًا على مجموعة من السياح الهنود، مما أدى إلى سقوط 26 قتيلًا من المدنيين في مشهد هزّ الرأي العام وأعاد إلى الأذهان كوابيس العنف الطائفي.
وفي ردٍّ عسكري صارم، شنت القوات الهندية، فجر 7 آيار الجاري، غارات جوية وبرية على تسعة مواقع يُعتقد أنها تابعة لمعسكرات “عسكر طيبة” و”حزب المجاهدين” و”جيش محمد”، وهي جماعات تُدرجها الهند ضمن لائحة الإرهـ،ـاب، حيث إدعى وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ مقتل (100) إرهـ،ـابي، فيما تلاحقت هجمات مضادة ومحاولات تسلل جديدة، مهددةً بجولة مفتوحة من العنف.
وبحسب مقال افتتاحي مشترك للباحث الهندي “أرونداتي دورو” والصحفية الباكستانية “سعيدة ديب”، فإن ما بدأ كحرب ضد الإرهـ،ـاب، سرعان ما تحوّل إلى مواجهة بين دولتين، فقد وسّع الهجوم الباكستاني على معبد “غوردوارا” ومسجد محلي في إقليم “بونش” نطاق النزاع، ومع كل غارة، وكل قصف، وكل ضحية، يحقق الإرهـ،ـابيون مبتغاهم، وهو زرع الفوضى وتأجيج الكراهية في شبه القارة الهندية.
واستذكر كاتبا المقال، ما حدث قبل أعوام، وتحديداً بعد الهجوم الكارثي على مدينة مومباي الهندية عام 2008، عندما رفض رئيس الوزراء الهندي السابق “مانموهان سينغ” الانزلاق إلى ردٍّ عسكري، واختار مسار العدالة والتحقيقات الدولية، فكانت نتيجة تلك الحكمة، أن الهند عاشت ست سنوات دون حادث إرهـ،ـابي كبير.
أما اليوم، فقد اختارت الحكومة الهندية، وفق مراقبين، النهج الشعبوي، مُفضّلة الرد العسكري السريع على الجهود الدبلوماسية، وهو ما ينذر بخسائر سياسية وإنسانية طويلة الأمد.
ومع تصاعد الهجمات، تتزايد المخاوف من أن تصل الأزمة إلى نقطة اللاعودة، حيث قد يلجأ أحد الطرفين -في لحظة يأس أو استفزاز- إلى خيار السلاح النووي. وتلك لحظة، إن وقعت، فلن ينجو منها أحد.
وأضاف الكاتبان أنه لا يمكن تجاهل أن باكستان كانت جزءًا من الهند حتى عام 1947. فآلاف العائلات لا تزال مرتبطة بصلات دم ونسب وثقافة. كيف يمكن لزوج وزوجة يعيشان على جانبي الحدود أن يُطلب منهما إعلان الولاء لطرف واحد فقط؟
لقد فُرض الانقسام السياسي على مجتمع لم ينقسم يومًا دينيًا أو إنسانيًا. والانفجار المقبل، إن حدث، فلن يفرّق بين مسلم وهندوسي، بين جندي وسائح، وبين إرهـ،ـابي ومدني.
وشدد المقال في خاتمته على أن حل الأزمة لا يكمن في مزيد من الرصاص، بل في بناء الثقة من جديد، حيث دفعت باكستان هي الأخرى ثمنًا باهظًا للإرهـ،ـاب، من خطف قطارات إلى مذابح في الأسواق، ولا يمكن بالتالي اعتبارها حاضنة للإرهـ،ـاب بأي حال من الأحوال.