
كشفت أربعة مصادر مطلعة، من بينها مصدران يعملان في الوسط السينمائي، عن قيام حركة طالبـ،ـان بإغلاق مكتب “الفيلم الأفغاني” وإلغاء هيكليته التنظيمية، في خطوة مفاجئة لم تُرفق بأي توضيح رسمي من جانب السلطات الحاكمة حتى الآن.
وتأسست مؤسسة “الفيلم الأفغاني” عام 1968 في عهد الملك محمد ظاهر شاه، وكانت أول هيئة حكومية لإنتاج الأفلام في البلاد. وعلى مدى أكثر من خمسة عقود، لعبت دورًا محوريًا في توثيق الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في أفغانستان، عبر أفلام إخبارية وسينمائية، كما احتفظت بأرشيف بصري يُعد من الأهم في تاريخ البلاد.
قبل سقوط النظام الجمهوري عام 2021، كانت المؤسسة تعمل تحت إشراف وزارة الإعلام والثقافة، ويضم كادرها ما بين 30 إلى 40 موظفًا متخصصًا في الإنتاج السينمائي والأرشفة والترميم والرقمنة. وفي السنوات الأخيرة قبل انهيار الحكومة، بادرت المؤسسة إلى تحديث معدّاتها وأطلقت مشروعات لحفظ أرشيفها التاريخي رقميًا.
لكن مع عودة طالبـ،ـان إلى الحكم، تقلص نشاط المؤسسة تدريجيًا حتى اختفى كليًا، وسط تضييق مستمر على الفنون. وقال مخرج سينمائي مقيم في كابول، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: “النشاط الفني في أفغانستان انهار تمامًا، لم يعد هناك مجال للإبداع أو الحفاظ على الثقافة. الفيلم الأفغاني لم يكن مجرد مؤسسة، بل كان رمزًا لهويتنا السينمائية”.
وتأتي هذه الخطوة ضمن سياق عام من القمع الذي تمارسه طالبـ،ـان تجاه النشاطات الفنية والثقافية، حيث أُزيلت الجداريات، وتم استبعاد النساء من العروض المسرحية، فيما يواجه الفنانون تهديدات مستمرة بالنفي أو الصمت القسري.
ولا يزال مصير الأرشيف البصري الهائل للمؤسسة مجهولًا حتى اللحظة، وهو أرشيف يحتوي على آلاف الأفلام واللقطات التي توثق مراحل مفصلية من تاريخ أفغانستان. وتخشى منظمات معنية بالحفاظ على التراث الثقافي من أن تتعرض هذه المواد للإهمال أو المصادرة أو التدمير، كما حدث جزئيًا في تسعينيات القرن الماضي إبان الحكم الأول لطالبـ،ـان، حين تم تهريب جزء من الأرشيف خارج البلاد لحمايته.
ويرى نشطاء ثقافيون أن إغلاق “الفيلم الأفغاني” يوجه ضربة قاسية إلى ما تبقى من البنية التحتية الثقافية في البلاد، ويُضاف إلى سلسلة التراجعات التي طالت الفنون والذاكرة الجمعية منذ سيطرة طالبـ،ـان على الحكم مجددًا.