
دفع تفاقم أزمة الجفاف في العراق الحكومة إلى طلب دعم عاجل من تركيا لمعالجة أزمة المياه التي تهدد حياة ملايين السكان، وذلك خلال زيارة رسمية أجراها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أنقرة، جرت خلالها محادثات تناولت بشكل موسع ملف المياه، بحسب ما أكده وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب، يوم الجمعة.
وقال ذياب إن الوفد العراقي عرض أمام الجانب التركي الظروف القاسية التي يواجهها العراق بسبب الجفاف الشديد وتراجع الموارد المائية، مشيراً إلى أن تركيا أبدت استعدادها لدعم العراق، وأن وزارته ستتابع يومياً كميات المياه الواردة لتقييم مدى الالتزام بالتفاهمات.
وتواجه البلاد صيفاً صعباً بفعل الانخفاض الحاد في مستويات نهري دجلة والفرات، وهو ما اضطر الحكومة العراقية إلى اتخاذ إجراءات قاسية، منها منع زراعة المحاصيل الصيفية وتقليص مساحة الأراضي الزراعية إلى النصف، بل واستبعاد محافظات كاملة من الخطة الزراعية بسبب العجز المائي الحاد، الذي يتأثر مباشرة بقطع إيران روافد نهر دجلة، وفق ما أكدته وزارة الموارد المائية.
وتحذر السلطات العراقية من “خطر كبير” على الأمن المائي بسبب سياسات دول المنبع، لا سيما تركيا وإيران، وسط استمرار التغيرات المناخية التي تضاعف التحديات من خلال شح الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وتكرار موجات العواصف الترابية.
وبحسب الأمم المتحدة، يُعد العراق من بين أكثر خمس دول في العالم تأثراً بتغير المناخ، وهو ما تسبب في نزوح الآلاف من مناطق جفّت فيها المياه، خصوصاً في الأهوار الجنوبية، وتراجع الغطاء النباتي ونفوق أعداد كبيرة من الحيوانات، في ظل توسع التصحر الذي يطال نحو 27 مليون دونم، أي ما يعادل 15% من مساحة البلاد.
ودعا رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، إلى التفاهم مع دول الجوار من أجل زيادة حصة العراق المائية، مؤكداً أن الوضع البيئي في البلاد يتدهور بسرعة ويحتاج إلى جهود جماعية تشمل الحكومة والمنظمات والمجتمع.
في السياق ذاته، شدد الناشط البيئي محمد سلمان على ضرورة اعتماد مبدأ “تقاسم الضرر” بين الدول المتشاطئة، محمّلاً المجتمع الدولي جزءاً من المسؤولية لغياب التعاون في إدارة الأزمات البيئية، مشيراً إلى أن العراق بات ضحية إجراءات مائية تعسفية من جيرانه.
وتسعى بغداد عبر اتصالاتها الثنائية مع أنقرة إلى التوصل لاتفاقات تضمن حصتها المائية، خصوصاً في ظل اعتمادها على ما يُعرف بـ”الخزن الميت” في بحيرات وسدود البلاد، بعد استنزاف أغلب الموارد التقليدية، مع الاعتماد على منخفض الثرثار لضخ المياه إلى مناطق الوسط والجنوب.