أقدم من الأهرامات.. “ميثوسيلا” شجرة الصنوبر التي تقاوم الزمن منذ آلاف السنين

تُعدّ شجرة صنوبر “بريستلكون” الشهيرة باسم “ميثوسيلا”، والموجودة في منطقة الحوض العظيم بشرق ولاية كاليفورنيا الأميركية، أقدم كائن حي معروف غير مستنسخ على وجه الأرض، إذ يبلغ عمرها المؤكد 4853 عاماً، بحسب بيانات حلقات النمو التي وثّقها العلماء.

وتشير التقديرات إلى أنّ هذه الشجرة العتيقة كانت تنمو بثبات منذ عهد بناء أهرامات الجيزة في مصر، وقد عاصرت حضارات وإمبراطوريات ازدهرت ثم اندثرت، بينما استمرت هي في التحدي الصامت لتقلبات الزمن والمناخ.
وبحسب تقرير لمجلة “فوربس”، فإنّ عالم تحديد عمر الأشجار إدموند شولمان كان أول من حدّد عمر “ميثوسيلا” عبر استخراج قلب دقيق من جذعها، دون التسبب في إيذائها، حيث كشف التحليل عن تاريخ نمو يمتد لأكثر من 48 قرناً.
ولعقود من الزمن، حرصت دائرة الغابات الأميركية على إبقاء موقع الشجرة سرياً للحفاظ عليها من التخريب، إلى أن تسربت صورتها للجمهور عام 2021، ما أثار اهتماماً واسعاً بقدرتها الفريدة على البقاء.
وتتميز “ميثوسيلا” بنمو بطيء في بيئة قاسية تشمل درجات حرارة متجمدة وتربة فقيرة ورياحاً عاتية، لكن بنيتها المتشابكة وجذورها المتخصصة تمنحها القدرة على التكيف والصمود، إذ تعتمد تغذية كل فرع على جذر مستقل، ما يتيح استمرار حياتها حتى لو تضرر جزء منها.
ورغم أن “ميثوسيلا” تحتفظ حالياً بلقب أقدم شجرة مؤكدة، فإن شجرة سرو “فيتزرويا كوبريسويد” المعروفة باسم “الجد العظيم” في تشيلي قد تكون منافساً محتملاً، بعد أن قدّر باحثون عمرها بـ5484 عاماً، غير أن هذا الرقم لا يزال بحاجة إلى إثبات علمي دقيق.
وتوفر الأشجار القديمة مثل “ميثوسيلا” سجلاً بيئياً فريداً، حيث تُسجل كل حلقة نمو فيها بيانات دقيقة عن المناخ خلال تلك السنة، ما يساعد العلماء على بناء نماذج مناخية تمتد لآلاف السنين، تشمل تقلبات الطقس ونسب الأمطار وحتى آثار الانفجارات البركانية.
وتؤدي هذه الأشجار أيضاً دوراً محورياً في مواجهة تغير المناخ، إذ تساهم في احتجاز الكربون داخل جذورها وتربتها، مما يساعد في تقليل تأثيرات الاحتباس الحراري.
وبينما تبقى “ميثوسيلا” رمزاً للصمود النباتي، فإنها تذكّر البشرية بأهمية الحفاظ على الإرث الطبيعي الذي سبقنا بآلاف السنين، وقد يحمل مفاتيح النجاة في وجه تغيرات المستقبل.