مرقد العلّامة ابن الفهد الحلي في كربلاء.. معلمٌ علميّ وروحيّ يتجدد عبر الزمان

يُعدُّ مرقد العلّامة الجليل أحمد بن فهد الحلي في مدينة كربلاء المقدسة من أبرز المعالم الدينية والعلمية التي خلدها التاريخ الإسلامي، وهو شاهد حيّ على مكانة العلماء ودورهم في بناء الوعي الديني والفكري للطائفة الشيعية.
وُلد العلّامة ابن الفهد الحلي عام 756 هـ في مدينة الحلة، التي كانت حينها حاضرة علمية بارزة في ظل الدولة الجلائرية، ونهل علومه من مدارسها قبل أن ينتقل إلى النجف الأشرف وجبل عامل، ليعود بعدها ويستقر في كربلاء، حيث أسس حوزة علمية إمامية كان لها دور بارز في ترسيخ معالم الفقه والعقيدة والتصدي للانحرافات الفكرية.
وقد خلّف العلّامة الحلي عددًا من المؤلفات التي أصبحت من المراجع المهمة في التراث الشيعي، من بينها: ترجمة الصلاة، تاريخ الأئمة، والتحرير في الفقه.
توفي العلّامة سنة 841 هـ ودُفن في منزله الواقع في شارع الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء، حيث شُيّد فوق قبره مرقدٌ تميز بقبة مكسوة بالكاشي الكربلائي الأزرق وصندوق نحاسي يعلو ضريحه، وأصبح مزارًا لطلبة العلم والقرّاء والزائرين من مختلف أنحاء العالم، خصوصًا خلال شهر رمضان الذي يشهد إقامة محافل قرآنية في أجوائه الروحانية.
وقد خضع المرقد على مرّ السنين لأعمال ترميم متتالية للحفاظ على طابعه الأصيل، من أبرزها الترميم الذي تم بإشراف مكتب المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي. وتشهد هذه الأيام تنفيذ مشروع توسعة وإعادة إعمار شاملة للمرقد الشريف، تتضمن إعادة بناء القبّة بما يتناسب مع طابعه المعماري والتاريخي.
ويمثل مرقد العلّامة ابن الفهد الحلي رمزًا متجددًا للعلم والتقوى والوفاء لرموز الفكر الإسلامي، ويؤكد على الدور المحوري للعلماء في حفظ الهوية الدينية وصياغة الوعي الحضاري عبر العصور.