أخبارأمريكاالعالم

الانتخابات التشريعية في كندا: منعرج سياسي جديد وفرصة لتعزيز دور المسلمين في الحياة العامة

تستعد كندا يوم الاثنين 28 أبريل/نيسان الجاري لتنظيم الانتخابات التشريعية الخامسة والأربعين، وسط توقعات بفوز الحزب الليبرالي بقيادة الزعيم الجديد ورئيس الوزراء الحالي، ماك كارني، الذي خلف جاستن ترودو عقب استقالته يوم 9 مارس الماضي تحت ضغط من داخل الحزب وأزمة سياسية مستفحلة.
وتأتي هذه الانتخابات في ظل أزمات داخلية متشابكة، من أبرزها التحديات الاقتصادية المتمثلة في التضخم وارتفاع الأسعار وأزمة السكن، بالإضافة إلى القضايا البيئية المتفاقمة، وأبرزها حرائق الغابات والفيضانات الناتجة عن تغير المناخ. كما تعود ملفات الهجرة والرعاية الصحية والعلاقات الخارجية إلى الواجهة، بعد تراجع دور كندا دوليًا، لا سيما في ظل الحربين في أوكرانيا وغزة، والتوترات مع الصين والولايات المتحدة.
وفي خضم هذا المشهد، يبرز دور الجالية المسلمة في كندا كعامل مؤثر قد يعيد تشكيل معادلات انتخابية قائمة. فبحسب بيانات مؤسسة “إحصائيات كندا” لعام 2021، يبلغ عدد المسلمين في البلاد قرابة مليون و800 ألف نسمة، ما يمثل نحو 4.9% من مجموع السكان، يتوزعون بكثافة عالية في مقاطعتي أونتاريو وكيباك، حيث يشكلون ما يقرب من 10.2% من سكان تورنتو و8.7% من سكان مونتريال.
وتُعد هذه الانتخابات محطة حاسمة بالنسبة للمسلمين الكنديين، سواء من حيث المشاركة السياسية أو من حيث إعادة تقييم موقعهم كقوة انتخابية مؤثرة. فبين جيل قديم تعوّد على التصويت للحزب الليبرالي لسياساته المنفتحة تجاه الهجرة والحريات، وجيل جديد من الشباب يتبنى رؤى أكثر حركية وبراغماتية، تبدو الحاجة ملحّة لإعادة رسم دور الصوت المسلم في المعادلة الديمقراطية الكندية.
الانتخابات تمثل أيضًا فرصة لمسلمي كندا للتعبير عن مواقفهم السياسية تجاه قضايا جوهرية، مثل الحرب على غزة، التي أثارت موجة تضامن واسعة في الشارع الكندي. ويمكن لهذا الصوت، إذا ما تم توجيهه وتنسيقه بوعي، أن يتحول إلى أداة ضغط فاعلة تسهم في تعزيز السياسات الداعمة للعدالة وحقوق الإنسان، وتُحدث تأثيرًا يتجاوز نطاق المصالح المجتمعية الضيقة.
إن وعي المسلمين بأهمية هذه اللحظة السياسية وتفاعلهم معها لا يعكس فقط انخراطهم في الحياة العامة الكندية، بل قد يفتح الباب أمام ميلاد نخبة سياسية جديدة تعبّر عن هويتهم، وتجمع بين المبادئ والمصلحة، وتسهم في صوغ سياسات عادلة وشاملة في كندا، تُنصف الجميع دون تمييز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى