
لا يزال مصير الآلاف من شباب الكُرد الفيليين الشيعة مجهولاً منذ أن طالتهم حملات الإبادة والتهجير التي نفذها النظام البعثي المباد في مطلع الثمانينيات، حيث تُقدّر المصادر أن أكثر من 20 ألف شاب فيلي اختفوا قسريًا ولم يُعثر على رفاتهم حتى اليوم.
ورغم مرور أكثر من عقدين على سقوط النظام، لا تزال الجهود الحكومية غير كافية لكشف مصير هؤلاء الشهداء، إذ لم تُتخذ خطوات جدية في البحث عن المقابر الجماعية التي تضم رفاتهم، فيما تشير المعلومات المتوفرة إلى أن بعضهم خضع لتجارب كيميائية وجرثومية في مختبرات سرية، فيما استُخدم آخرون كدروع بشرية خلال الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988.
وفي ظل غياب الدعم الحكومي، بقيت كل المحاولات الرامية لاكتشاف مواقع المقابر الجماعية دون جدوى، فيما تعاني مؤسسة الشهداء -الجهة الرسمية المسؤولة عن الملف- من نقص في الأجهزة المتطورة التي تُستخدم في فحص عينات DNA، رغم توفر تقنيات حديثة قادرة على تحليل أعداد كبيرة من العينات في وقت قياسي، إلا أن العراق لم يتمكن حتى اليوم من توفير هذه الإمكانيات لمؤسساته المختصة.
إزاء هذا الواقع، أطلق أبناء الكُرد الفيليين الشيعة مبادرات قانونية وضغوطات دولية لكشف مصير الشهداء، حيث قاموا برفع مذكرات إلى محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لتدويل القضية والمطالبة بإجراءات تُلزم الحكومة بتحمل مسؤولياتها، كما دعوا إلى توفير إمكانيات تقنية متطورة، وتشكيل فرق ميدانية مختصة للبحث عن رفات الضحايا، ومحاسبة المتورطين في الجريمة سواء من المشاركين فيها أو المتسترين عليها.
ورغم هذه الجهود، لا تزال العديد من العائلات الفيلية تنتظر العثور على رفات أحبائها لتوديعهم بكرامة، إلا أن المفارقة المؤلمة أن الكثير من الآباء والأمهات قضوا نحبهم دون أن تتحقق أمنيتهم برؤية رفات أبنائهم أو إقامة مراسيم دفن تليق بهم، ليبقى هذا الملف شاهداً على جرح مفتوح لم يندمل بعد.