أخبارالعالم

باحثة فرنسية تستعرض في كتاب جديد تأثير التصنيفات الاجتماعية على الهوية المسلمة في فرنسا

سلّطت الباحثة الفرنسية البارزة ماري-كلير ويليمز، في كتابها الجديد، الضوء على الاستخدامات المعاصرة لمصطلح “مسلم” في فرنسا، مستعرضة تأثيره على الهوية والانتماء في سياقات التهميش والتمييز الاجتماعي.
وقالت مجلة La Vie des idées العلمية الفرنسية في مراجعتها للكتاب إن الباحثة، من خلال مقاربة تجمع بين علم الدلالة والتحقيق الإثنوغرافي، تسعى إلى كشف كيفية تعامل الأفراد مع التصنيفات الاجتماعية المفروضة عليهم، وكيف يعيدون تشكيل هوياتهم في مجتمع يعاني من وصم مستمر للمسلمين.
وأشارت المجلة إلى أن الكتاب يركز على الإجابة عن سؤال جوهري: “ماذا يعني أن يكون المرء مسلمًا في فرنسا اليوم؟”، موضحة أن ويليمز أجرت مقابلات ميدانية ودراسات لغوية واجتماعية، لتحليل ظاهرة “التذويت”، أي بناء الأفراد لهوياتهم الذاتية في مواجهة التصنيفات القسرية.
وبينت الباحثة أن بعض الأفراد يرون في هويتهم الإسلامية امتدادًا لتراثهم الثقافي، بينما يجد آخرون أنفسهم مضطرين إلى تبني هذا التصنيف نتيجة النظرة المجتمعية.
ويعود الكتاب إلى الجذور التاريخية لاستخدام كلمة “مسلم” في السياقات الأوروبية، حيث أشارت ويليمز إلى أن المصطلح كان يستخدم بطرق تعكس مركزية التصورات الغربية، بدءًا من مصطلح “سارازين” في العصور الوسطى بمعنى “غير المسيحي”، مرورًا بمصطلح “المحمدي” في القرن الثامن عشر، وصولًا إلى التصنيفات الاستعمارية التي ربطت كلمة “مسلم” بالعرق أكثر من الدين.
وخلال الحقبة الاستعمارية، لا سيما في الجزائر، تحول “المسلمون” إلى فئة قانونية منفصلة، حيث ظلوا خاضعين لقوانين استعمارية حتى لو غيّروا معتقداتهم، ما يعكس عمق ترسّخ هذا التصنيف في الوعي القانوني الفرنسي.
وحددت ويليمز ثلاثة أنماط رئيسية لاستخدام مصطلح “مسلم” في فرنسا المعاصرة:
الانتماء العرقي-الثقافي: حيث يرتبط الإسلام بالهوية العائلية والتاريخية، كما هو الحال مع مهاجرين من أصول شمال إفريقية.
الهوية كشرط اجتماعي: حيث يجد البعض أنفسهم يُعرّفون كمسلمين نتيجة التهميش والتمييز.
الهوية الدينية البحتة: حيث يسعى بعض المسلمين إلى تجاوز التصنيفات العرقية ودمج إسلامهم ضمن سياق أوروبي بأساليب حديثة.
وأكدت الدراسة أن التجربة المسلمة في فرنسا ليست موحدة، بل تتنوع وفق الظروف السياسية والاجتماعية، مشيرة إلى التداخل المعقد بين التصنيف القسري والانتماء الطوعي، والتحديات المشتركة التي يواجهها المسلمون، سواء المولودون في الإسلام أو المستبصرون إليه، فيما يتعلق بالاندماج والتمييز.
وخلصت المجلة إلى أن كتاب ويليمز يشكل إسهامًا مهمًا في فهم كيفية تشكّل الهوية المسلمة في فرنسا الحديثة، مؤكدة أن الهويات ليست ثابتة، بل هي عملية مستمرة من التفاوض وإعادة التشكيل في ظل واقع اجتماعي وسياسي متغير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى