القيم القرآنية والمساواة الإنسانية: درس خالد في مواجهة التمييز العنصري
في ظل الرحلة الطويلة التي خاضتها الولايات المتحدة لتحقيق المساواة العرقية، برزت شعارات خالدة مثل “سوف نتغلب”، و”لدي حلم”، و”حياة السود مهمة” كصرخات احتجاج ضد التمييز العنصري والمعاملة المنهجية الظالمة للأقليات. ومع استمرار هذا النضال، يتبادر إلى الذهن تساؤل حول موقف القرآن الكريم من قضية المساواة، الذي يبدو متجاوزًا للفروقات العرقية ومؤكدًا لوحدة الأصل الإنساني.
هذا التساؤل جاء على لسان أستاذ التاريخ بجامعة “ميشيغان” الأمريكية، البروفيسور هوان كول، الذي تناول في مقاله المنشور بمجلة “رينوفاشيو” العلمية الدولية تصور القرآن الكريم للمساواة الإنسانية في سياق مجتمعات عاشت تمييزًا عرقيًا وهيمنة على أساس العبودية.
وأشار كول إلى أن العصور التي تزامنت مع نزول القرآن الكريم شهدت انتشار أفكار تقسيم البشر إلى “متحضرين” و”همج”، وهي مفاهيم رسختها حتى الإمبراطورية الرومانية المسيحية في القرن الرابع الميلادي. ورغم وجود إشارات فلسفية وأسطورية لوحدة الأصل الإنساني، مثل ما تحدث عنه سقراط والفكر الزرادشتي عن الإنسان الأول “كيومرت”، إلا أن فكرة المساواة بين البشر بقيت غريبة على السياق السائد.
وأوضح كول أن القرآن الكريم جاء ليقدم تصورًا ثوريًا في هذا المجال، حيث أكد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: 13)، على وحدة الأصل البشري ورفض أن تكون العرقية أو النسب معيارًا للتفاضل.
وتابع كول أن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) ترجم هذه المبادئ إلى أفعال ملموسة، فقام بتحرير العبيد ودمجهم في المجتمع كمواطنين متساوين، وكان الصحابي بلال بن رباح مثالًا حيًا على ذلك، إذ تحول من عبد إلى مؤذن الرسول وأحد رموز العدالة الاجتماعية في الإسلام.
واختتم الأكاديمي مقاله بالتأكيد على أن الإسلام، من خلال دعوته للتعارف والتعاون بين الشعوب، قد رفض ثقافة الكراهية والتمييز، مشيرًا إلى الحديث الشريف: “لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى”. واعتبر كول أن رسالة القرآن الكريم بشأن المساواة تظل نموذجًا خالدًا للمجتمعات التي لا تزال تسعى لتحقيق العدالة العرقية، لتبقى هذه القيم مصدر إلهام لتحقيق كرامة الإنسان ووحدة البشرية.