عشرة آلاف شيعي بين شهيد وجريح خلال عقد واحد.. مثال على التطرف الديني الحاكم في باكستان
في مشهد يعكس تناقضًا صارخًا مع الرؤية التي كان يحملها القائد الشيعي المؤسس لباكستان كدولة للمسلمين كافة، “محمد علي جناح”، أصبحت هذه الدولة اليوم واحدة من أخطر الأماكن على الشيعة في العالم.
هذا وقد سلطت الهجمات الإرهـ،ـابية الأخيرة ضد الشيعة، الضوء على الاضطهاد المنهجي الذي يواجهه أتباع آل البيت الأطهار “عليهم السلام”، مشكِّلة بذلك صفحة قاتمة في تاريخ البلاد، فصور العائلات المنكوبة والشوارع التي تنزف دماءً ليست مجرد أحداث معزولة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من جرائم الكراهية والطائفية التي اجتاحت باكستان لسنوات، وبالنسبة للكثيرين، وخاصة للمسلمين الشيعة في الهند، فإن هذه المآسي تمثل جرحًا شخصيًا وسياسيًا.
ووفقًا للبيانات التي جمعتها مؤسسة “بوابة الإرهـ،ـاب في جنوب آسيا – SATP” ومنظمات حقوق الإنسان المختلفة، فقد تم تسجيل (238) حالة قتل مستهدفة ضد الشيعة في باكستان خلال عام 2024 وحده، مع الإشارة إلى أن هذه الإحصائيات الصادمة لا تشمل حوادث خطاب الكراهية والإكراه على التحول الديني والترهيب الذي يواجهه الشيعة الباكستانيين بشكل يومي.
وفي عام 2013، شهدت مدينة “كويتا” ذات الأغلبية السكانية الشيعية، تفجيرات عنيفة أسفرت عن استشهاد أكثر من (200) من المسلمين الشيعة، ما مثَّل إحدى أكثر الجرائم دموية في تاريخ باكستان الحديث، كما تُظهر بيانات لجنة حقوق الإنسان الباكستانية “HRCP” أن ما معدله (150) شيعيًا قد استشهدوا سنويًا بين عامي 2014 و2023.
وبحسب الصحفي والكاتب في صحيفة “دون” الباكستانية البارزة، “زاهد حسين”، فقد استشهد أكثر من (2000) شيعي باكستاني في تلك الفترة جراء هجمات شملت إطلاق نار جماعي، وتفجيرات، واغتيالات لشخصيات بارزة، حيث يشير “حسين” إلى تورط جماعات متطرفة مثل “لشكر جنكوي” و”سباه صحابة” التي تعمل أحيانًا بدعم ضمني من الدولة، في صورة تكشف عن فشل السلطات في حماية إحدى أكبر الأقليات الدينية.
وأوضح الكاتب، أن أكثر من (10,000) شيعي قد استشهدوا وأُصيبوا في هجمات مسلحة خلال العقد الماضي، كما تم تهجير الآلاف من منازلهم، جاعلاً من الحياة اليومية للشيعة مليئة بالخوف والترقب.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، يقدم الشيعة في الهند مثالًا للتعايش والتعددية، فخلال مواكب عاشوراء الحسينية السنوية، يشارك السنة والهندوس والمسيحيون في إحياء هذه المناسبة، ما يعكس الاحترام المتبادل بين الطوائف.
هذا وقد أشار مركز “بيو” الدولي للأبحاث في تقرير صدر مؤخراً، أن الشيعة يشكل حوالي 10-15٪ من مجموع المسلمين في الهند، كما يتمتعون بحماية دستورية تتيح لهم ممارسة شعائرهم بحرية، بل والمشاركة الواسعة في الحياة العامة، من التعليم، والسياسة، وحتى الفنون والأعمال.
وعلى النقيض من ذلك في باكستان، فإنه يتم إجبار الشيعة على إخفاء هويتهم الدينية، إلى درجة أن أبسط مظاهر العبادة قد تجعلهم أهدافًا مؤكدة للهجمات الإرهـ،ـابية.