تعيش الطفولة في قطاع غزة مأساة غير مسبوقة تحت وطأة القصف والدمار، حيث تحول القطاع إلى ما وصفه مراقبون بـ”أكبر مقبرة أطفال في العالم”. فمنذ أن شنت إسرائيل حربها الشاملة في أكتوبر 2023، أصبحت حياة الأطفال هناك مجرد أرقام في سجل الجرائم المستمر، مع استمرار انتهاكات جسيمة بحقهم من القتل والتشريد إلى الحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.
وفقًا لإحصائيات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قتلت إسرائيل أكثر من 18 ألف طفل فلسطيني خلال 15 شهرًا فقط، منهم 238 رضيعًا ولدوا واستشهدوا في الحرب، و853 طفلاً أعمارهم أقل من عام، فيما لقي 44 آخرون حتفهم نتيجة المجاعة وسوء التغذية. وإلى جانب هذه الجرائم، أصبح 35 ألف طفل يتيمًا، و3500 طفل مهددون بالموت بسبب نقص الغذاء والعلاج.
فيما يتعلق بالأوضاع الصحية، فإن القطاع يعاني من كارثة إنسانية بكل المقاييس. المستشفيات التي أُخرجت عن الخدمة والنقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية جعل علاج الأطفال المصابين شبه مستحيل. كما أدى التلوث وانعدام المياه النظيفة إلى انتشار أمراض خطيرة، فيما يعاني الأطفال نفسيًا من اضطرابات كالاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة مشاهد الدمار وفقدان الأحبة.
التعليم، أحد حقوق الأطفال الأساسية، أصبح شبه معدوم في غزة. 500 مدرسة وجامعة دُمرت كليًا أو جزئيًا، وتحولت العديد منها إلى مراكز لإيواء النازحين. حتى المدارس المتبقية تعاني من نقص حاد في الكوادر والموارد التعليمية، مما يهدد مستقبل الأطفال التعليمي. ووفقًا لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، استشهد 12,820 طالبًا، وأصيب 21,351 آخرون، فيما تعرضت 171 مدرسة حكومية للتدمير الكامل أو الجزئي.
إضافة إلى ذلك، استخدمت إسرائيل أسلحة محرمة دوليًا، وأسقطت على القطاع 88 ألف طن من المتفجرات، مما أدى إلى تدمير 86% من البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك المستشفيات، المساجد، والشبكات الخدمية الأساسية.
هذه الجرائم الممنهجة تضع العالم أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية. المجتمع الدولي مطالب بوقف المجازر الإسرائيلية بحق الأطفال في غزة، وضمان حمايتهم وتأمين حقوقهم الأساسية في الحياة، والصحة، والتعليم. وفي ظل الصمت العالمي، تستمر معاناة الأطفال الفلسطينيين، تاركين علامات لا تمحى في تاريخ الإنسانية.
