الأحداث المتسارعة في سوريا تُعيد رسم خارطة الشرق الأوسط الأمنية والسياسية
في تحول مفاجئ، أُعلن عن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد ورحيله من السلطة، ما أثار موجات متناقضة من الاحتفالات والقلق في الوقت نفسه وفي أنحاء الشرق الأوسط والعالم، لما يمثله رحيله من نهاية حقبة امتدت لأكثر من ستة عقود من حكم حزب البعث في سوريا، ويُعيد صياغة الديناميكيات السياسية والاستراتيجية في المنطقة.
ووفقاً للتقارير، فقد توصل الأسد إلى صفقة خروج آمن مع قوى المعارضة، بعد أن نقل أفراد عائلته إلى خارج البلاد في وقت سابق، حيث جاء قرار التنحي نتيجة الضغوط المتزايدة، بما في ذلك التفتت الداخلي، وإفقار البلاد، وتراجع دعم الحلفاء الرئيسيين مثل روسيا وإيران.
روسيا، المنشغلة بالصراع في أوكرانيا، وإيران التي أضعفتها صراعاتها الإقليمية، فضّلتا بناء علاقات مع القيادة الجديدة بدلاً من الاستمرار في دعم الأسد، وأفادت مصادر بأن الدولتين حصلتا على ضمانات لحماية مصالحهما، حيث بقيت القواعد العسكرية الروسية سليمة، بينما تسعى إيران للحفاظ على نفوذها في سوريا من خلال استراتيجيات طويلة الأمد.
ومع سقوط الأسد، تبرز الخلافات بين الفصائل المختلفة على الساحة السورية، وأبرزها “هيئة تحرير الشام” المنبثقة من تنظيم القاعدة الإرهـ،ـابي، و”الجيش الوطني السوري” المتحالف مع تركيا، و”قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة، والتي قد تجد نفسها في أتون صراعات مسلحة جديدة.
وعلاوة على ذلك، يشكّل التنوع العرقي والديني في سوريا – من سنة وشيعة وعلويين وأكراد ودروز ومسيحيين – تحدياً كبيراً للقيادة المقبلة، في حال سعت لإعادة توحيد البلاد.
تذكّر الأحداث الحالية بتاريخ سوريا المليء بالاضطرابات، فمنذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1946 حتى انقلاب حافظ الأسد في 1970، الذي أسس من خلاله حكماً استبدادياً مستقراً نسبياً، إلا أنه وكما حدث في العراق بعد حقبة صدام حسين، وفي ليبيا بعد القذافي، فإن سقوط الحكام المستبدين غالباً ما يفتح الباب أمام الفوضى والعواقب غير المقصودة، مثل تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة وازدياد تدفقات اللاجئين.
ومع طي صفحة الأسد، تواجه سوريا تحديات هائلة تتعلق بإدارة الانقسامات العميقة وإعادة بناء مؤسسات الدولة، فقد يحمل المشهد المقبل فرصةً للسلام، إلا أنها ستكون محفوفةً بالمخاطر والتعقيدات التي قد تطيل أمد عدم الاستقرار في البلاد والمنطقة ككل.