افتتح في العاصمة الألبانية تيرانا “جامع نمازجاه” رسميًا في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ليصبح أكبر مسجد في ألبانيا والبلقان، بعد عقود من قمع الممارسات الدينية خلال الحقبة الشيوعية.
يمثل المسجد الذي صُمم على الطراز العثماني الكلاسيكي نقطة تحول في تاريخ البلاد، حيث كان المسلمون يشكلون أكثر من نصف سكان ألبانيا وفقًا لتعداد 2023، لكنهم عانوا لفترات طويلة من التهميش، خاصة خلال حكم النظام الشيوعي (1944-1991) الذي تبنى سياسات “إلحاد الدولة”.
يقع جامع نمازجاه بالقرب من البرلمان الألباني، ويتسع لـ10 آلاف مصلٍّ، بينهم 8 آلاف داخل المسجد و2000 في ساحته الخارجية. يتميز المسجد بأربع مآذن بارتفاع 50 مترًا وقبة مركزية يبلغ ارتفاعها 30 مترًا، إلى جانب مرافق ثقافية تشمل مكتبة، قاعة مؤتمرات، ومساحات للمعارض.
صرّح الإمام غازميند تيكا، إمام المسجد، بأن إنشاء هذا الجامع يلبي حاجة ملحة للمسلمين الذين اضطروا للصلاة في الشوارع لعدم كفاية المساجد في العاصمة. وأضاف: “المسجد يُبرز الانسجام الديني في ألبانيا، حيث تتعايش الديانات المختلفة بسلام”.
تم بناء المسجد بدعم من رئاسة الشؤون الدينية التركية، وأعرب رئيس الوزراء الألباني إيدي راما عن شكره لتركيا على هذه “اللفتة التي تعزز الروابط بين البلدين”، مشيرًا إلى أن المشروع يُعد ميراثًا للشعب الألباني بأسره.
عانت ألبانيا خلال الحقبة الشيوعية من تدمير الموروث الديني، إذ تم تحويل المساجد إلى مستودعات وصالات رياضية، لكن سقوط النظام عام 1991 أعاد الحرية الدينية تدريجيًا. ومع ذلك، استغرق بناء مسجد مركزي كبير عقودًا، ليكتمل حلم الألبان المسلمين أخيرًا في “نمازجاه”.
يجذب المسجد السياح والزوار من مختلف الأديان، حيث يُعتبر رمزًا للتسامح الديني في بلد تتعايش فيه الطوائف بانسجام. وقال عبد الله كيلي، أحد المصلين: “يشكل المسجد جزءًا من الفسيفساء الدينية في ألبانيا، مع الكاتدرائيتين الأرثوذكسية والكاثوليكية القريبتين”.
“نمازجاه” ليس مجرد مكان للعبادة، بل مساحة مفتوحة للجميع، تعكس روح التسامح والانفتاح التي تطبع المجتمع الألباني بعد حقبة من القمع الديني.