تخوّفت وسائل إعلام عالمية ومنظمات رقابية كبرى من “اللغة العنصرية” التي استخدمت في تغطيات إعلامية للحرب الدائرة في أوكرانيا، من قبل مراسلين ومقدمي برامج أوروبيين وأميركيين.
وتناولت تقارير ومقالات في صحف ومنصات إعلامية مختلفة وقائع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتفاصيلها بلغة استخدمت فيها تعابير مرتبطة بالعرق واللغة والديانة والشكل الخارجي، وحتى الطبقات الاجتماعية، كمنطلق للمفاضلة بين الأوكرانيين وسكان دول العالم الثالث، وهي ليست العراق او افغانستان.
وعرضت “بي بي سي” البريطانية مقابلة مباشرة مع المدعي العام السابق في أوكرانيا، دايفيد ساكفارليدزي، قال فيها إنّ ما يجري يؤثّر فيه عاطفياً بشكل كبير، لأنّ “أناساً أوروبيين لديهم عيون زرقاء وشعر أشقر هم الذين يقتلون في بلادي”.
مراسلة قناة “إن بي سي” الأميركية، كيلي كوبييلا، قالت في تغطية مباشرة من الحدود البولندية حول اللاجئين الأوكرانيين: “هؤلاء اللاجئون ليسوا من سوريا، هؤلاء من أوكرانيا. إنهم مسيحيون، ينتمون إلى العرق الأبيض، ويبدون شبيهين جداً بنا”.
وسائل الإعلام الأوروبية غير الناطقة بالإنكليزية كان لها نصيب من التغطية باستخدام لغة “عنصرية” أيضاً.
لم يتوقف الأمر على الإعلاميين، بل أطلق العديد من السياسيين الغربيين تصريحات حملت “عنصرية”، وآخرون تعرّضوا للتهجّم بناءً على منطلقات عنصرية.
اللورد دانييل هانان، عضو سابق في البرلمان الأوروبي ومستشار مجلس التجارة البريطاني، كتب في صحيفة “لندن تلغراف” حول الأزمة الأوكرانية والشعب الأوكراني: “إنهم يبدون مثلنا، هذا ما يجعل الأمر صادماً. الحرب لم تعد أمراً بعيداً يحصل للشعوب الفقيرة والنائية عنا. الحرب يمكن أن تحصل لأي أحد”.
في المقلب الآخر، أعلنت عضو حزب العمال البريطاني، عضو البرلمان، زارا سلطانة، التي تتحدر من أصل باكستاني، وتتميز بملامح باكستانية، فضلاً عن اعتناقها الديانة الإسلامية، أنّها تلقّت رسالة تهديد بالقتل وصفتها بـ”عاهرة بوتين”، مشيرة في تصريح صحافي إلى أنّها لا تعتقد أنّ التهديد مرتبط بتوقيعها على قرار ينتقد توسع الناتو في أوروبا، لأنّ نواباً آخرين كثراً وقّعوا القرار نفسه.
وكانت قناة “بي بي سي” اضطرّت إلى الاعتذار عن بثّها خبراً يصف سلطانة بأنها “داعمة للغزو الروسي لأوكرانيا”، وهو ما عادت ونفته الأخيرة بشكل قاطع.
وبينما تصوّر العديد من المنصات والوسائل الإعلامية في العالم في تغطيتها بشكل مباشر أو غير مباشر أنّ هذه هي “موجة العنف الأولى” التي تحصل قريباً من أوروبا “الآمنة” خلال السنوات الثلاثين الماضية، أو حتى بعد الحرب العالمية الثانية، فإنّ هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها دولة يننتمي شعبها إلى “العرق الأبيض” في حروب ومواجهات دموية وموجات عنف كبيرة، من الحرب الأهلية اليونانية 1949، إلى الحرب الإيرلندية البريطانية 1998، إلى الحرب اليوغوسلافية –السلوفينية 1991، ثم اليوغوسلافية –الكرواتية، ثم مع البوسنة 1995، وكوسوفو 1999، وصولاً إلى الحرب الأهلية في جورجيا 1993، وألبانيا 1997، وكان آخرها النزاع الإنفصالي في مقدونيا في العام 2015.