الإعلام الشيعي

ما سر إخفاء “قبر فاطمة” حتى يومنا هذا؟

 وسرد عليهم جملة من الوصايا التي لا شك أنه أراد لها أن تبلغ الجميع دون استثناء،

 

في أيامه الأخيرة قبل أن يرحل، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار، وسرد عليهم جملة من الوصايا التي لا شك أنه أراد لها أن تبلغ الجميع دون استثناء، بدليل أن هذه الوصايا لا تزال حاضرة تتوارثها الأجيال الواحد بعد الآخر.

وقبل أن يتحدث رسول الله عن المحور الاساسي الذي حشّد لأجله الأنصار في ذلك اليوم؛ ذكر لهم جملة من “الشهادات” والفضائل، كان من بينها “..وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة وهي تمام الأمر و خاتمة العمل….”.

فما هي هذه الواحدة يا رسول الله؟!.. كان هذا لسان حال الأنصار المتجمهرين للمرة الأخيرة حول النبي صلى الله عليه وآله.

من هتكه فقد هتك حجاب الله!!

ثم بعد ذلك حدثهم النبي عن “المحور” الذي بعد أن وضعه في كفة الميزان الإلهي عادل كل القيم السماوية، إن لم نقل رجح عليها، هذه الكفة أوجز النبي مضمونها بما يلي: “الله الله في أهل بيتي، مصابيحِ الظلم، ومعادنِ العلم، وينابيع الحكم، ومستقرِ الملائكة”. بنبرة الرجاء هذه.. يتحدث رسول الله وفي قلبه ألم وحرقة ابنته التي ستغتالها بعد أيام من رحيله زمرة لم تحفظ الوصية، ولم تعرف من الإسلام إلا قشوره، وراح يوصي بحسب الرواية التي أوردها صاحب كتاب “بحار الأنوار” العلامة المجلسي إلى أن قال بصريح العبارة: “ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله”. ولكن ما جرى هو أن لباب فاطمة اليوم أحاديث واعترافات كثيرة تبين حجم الظلم الذي جرى عليها!.

بعيداً عن سرد تفاصيل قصة الاغتيال، ما يهمنا الآن هو معرفة أسباب دفن فاطمة عليها السلام بعد شهادتها ليلاً، وإخفاء قبرها عن الجميع حتى يومنا هذا.

فلماذا أخفي قبرها؟

تشير المصادر التاريخية، إلى أن فاطمة الزهراء عليها السلام بعد أن مرضت أوصت بأن لا يتولى أمرها إلا زوجها علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي ضل قريباً منها منذ الساعات الأولى لمرضها، وكانت تعينه أيضا -بحسب الروايات- أسماء بنت عميس.

ويروي ذلك ولدها الإمام الحسين عليه السلام، إذ يقول: “لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصّت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها, ولا يؤذن أحداً بمرضها, ففعل ذلك وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رضي الله عنها على الاستسرار بذلك كما وصّت به”.

كان مضمون الوصية هو أن تدفن عليها السلام ليلاً بعد أن يهدأ الجميع، لكي لا يعلم أحد بعد ذلك بمكان قبرها، وهذا ما بيّنه الشيخ المفيد رحمه الله في كتابه “الأمالي”، وعلى أثر هذه الوصية، بقي القبر الشريف مخفياً حتى يومنا هذا.

الحكمة من إخفاء القبر

وتشير بعض الروايات إلى وجوه الحكمة من دفن الزهراء عليها السلام سراً واخفاء قبرها، ومنها ما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، إذ يجيب عن تساؤل أحدهم عن سر إخفاء القبر بقوله: “إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها”.

أما الإمام الصادق عليه السلام، قالها بصريح العبارة “لأنها أوصت أن لا يصلي عليها الرجلان الاعرابيان”.

“رسائل للأجيال”

لكن الكاتب والباحث الإسلامي الشيخ عقيل الحمداني أشار إلى أن في إخفاء قبر الزهراء عليها السلام رسائل عدة وجهها أمير المؤمنين علي عليه السلام للأجيال.

ويقول “الحمداني” للموقع الرسمي، “من هذه الرسائل، ان المؤسسة الحاكمة آنذاك ظلمت الزهراء وهجمت على بيتها وروعتها واسقطت جنينها وبالتالي ان دفن الزهراء ليلا هو رسالة بيان لهذه الظلامة، وبالتالي فإن هذه الزمرة الحاكمة التي أبعدها علي عليه السلام عن مراسيم التشييع والدفن مدانة بقتل فاطمة”.

وأضاف “رسالة أخرى للعالم، مفادها أن الحكام المستبدين لهم القدرة على الاساءة لفاطمة ولقبرها، وهذا ما حدث فعلا، إذ هدد أحدهم بنبش القبر وحاول ذلك لولا تدخل علي بن ابي طالب عليه السلام”.

صفوة القول، الزمرة التي لم تحفظ وصايا نبيها، وهتكت حرمته وقتلت بضعته، لن يقف أمامها “قداسة” قبر عن الإتيان بكل ما يسيء لها مجدداً، لأنهم يرون في فاطمة صوت الضمير الذي ينطق بالحق، وهو الصوت الذي طالما آلمهم كثيراً، فليس أمامهم إلا أن ينهوا هذا الألم بأي طريقة كانت.

نقلا عن موقع العتبة الحسينية المقدسة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى