العالم

تحقيق للجارديان: كيف تتَّجر صناعة الصيد التايلاندية بالآلاف من مهاجري الروهنجيا وتسجنهم وتستعبدهم؟

المهربون والتجار مهاجري الروهنجيا في معسكرات الغابة المميتة

 

يحتجِز المهربون والتجار مهاجري الروهنجيا في معسكرات الغابة المميتة والتي يسجنون فيها لفترة، قبل بيعهم كعبيد لإنتاج المأكولات البحرية على ظهر سفن الصيد التايلاندية ، وفق ما تتبع تحقيق أجرته “الجارديان”.

وافادت شهادات العديد من الناجين ، ومجموعات حقوق الإنسان إلى أن المئات من رجال الروهنجيا قد بيعوا بالفعل عن طريق شبكة معسكرات الاتجار بالبشر التي اكتُشفت مؤخرًا في جنوب تايلاند.

وحسبما أفادت شهادات البعض ممن تم بيعهم من المعسكرات إلى القوارب، فقد حدث ذلك مرارًا بعلم وتورُّط بعض المسؤولين في الدولة التايلاندية، حتى إنه في بعض الحالات تورط موظفون تابعون لمراكز احتجاز المهاجرين هناك في تسليم المهاجرين من الروهنجيا للسماسرة تمهيدًا لبيعهم إلى قوراب الصيد التايلاندية فيما بعد.

وأشار التحقيق إلى بداية المأساة، حين فرّ عشرات الآلاف من الروهنجيا تحت وطأة التطهير العرقي الذي ترعاه الدولة في بورما خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. عديمو الجنسية، ومشردّون، لا يرغب في وجودهم أحد، فلم يكن لهم خيار سوى الهروب إلى البحر في محاولة يائسة لعل أمواجه تصل بهم جنوبًا حيث الأمان النسبي في ماليزيا..

وفي مايو، اكتشف المسؤولون في تايلاند وماليزيا أيضًا عددًا من سجون الغابات والمقابر الجماعية التي استخدمها المتاجرون كأماكن احتجاز ومقرات لإتمام الاتفاقات وعمليات البيع، كانت معسكرات الغابات تلك بمثابة سجون مكشوفة في الهواء الطلق يقبع فيها المهاجر أسيرًا حتى يحرره ذووه مقابل فدية مالية غالبًا ما تتجاوز الألف جنيه. كما تعرض المحتجزون هناك لاعتداءات عدة، تراوحت مابين الاغتصاب والتعذيب والضرب حتى الموت.

أما من لم يتمكنوا من دفع الأموال التي طالب بها الخاطفون فتم بيعهم في سوق العبيد مقابل رسوم معينة يدفعها قباطنة القوارب، وذلك حسب شهادات الناجين من المعسكرات وبعض السماسرة، وجميعهم تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، الأمر الذي يدعم صحة ادعاءات الجماعات الحقوقية التي تحقق منذ مدة في مسألة الاتجار بالروهنجيا.

وكان من ضمن الشهادات شهادة لمهاجر شاب من الروهنجيا، وصف للمحققين كيف تم بيعه من قبل تجار العبيد ونقله من معسكرات الغابة إلى قارب يحمل العلم التايلاندي في مدينة سونكلا، جنوب تايلاند، قبل أن يلوذ بالفرار في نهاية العام الماضي، يقول “نقلونا (من المعسكرات) بواسطة القوارب والسيارات، وصلنا إلى سونكلا ووُضعنا في سفينة الصيد” وأضاف “اضطررنا مجبرين على العمل هناك لأربع سنوات كاملة، وخلال هذه المدة، لم تعد السفينة للشاطئ أبدًا”.

وقال ماثيو سميث، المدير التنفيذي لمنظمة “فورتيفاي رايتس” في بانكوك، في إشارة إلى العلاقة الممتدة منذ فترة طويلة بين المعسكرات وصناعة الأسماك: “إن الرجال والأولاد غير القادرين على الدفع لنيل حريتهم، غالبًا ما يكون البديل هو بيعهم لقوراب الصيد ليقوموا بأعمال السُخرة”، وأشار إلى أن هذا الوضع ليس طارئًا، بل هو قائم في قطاع الصيد التايلاندي منذ التسعينات تقريبا.

وفي مقابلة مع أحد السماسرة في بانكوك، اعترف باستخدام الروهنجيا كعبيد في الصيد التجاري، وحكى كيف أنه باع نحو 100 شخص من مخيمات الغابة خلال العام الماضي، والبعض في وقت مبكر من هذا العام، مقابل ربح يقترب من 30,000 بات تايلاندي، أي ما يعادل حوالي 900 دولار للفرد الواحد. وقال “هؤلاء المهاجرون اشتراهم قادة القوارب التايلاندية، لم يُسمح لهم أبدًا بمغادرة القوارب خوفًا من فرارهم، ومن ثم يخسر القباطنة عمالتهم”، وأضاف أنه سمع ما تردد عن أن المهاجرين العاجزين عن العمل كان يلقى بهم في البحر حين يصبحون بلا فائدة حقيقية. وإضافة إلى المهاجرين من الروهنجيا، باع أيضًا مهاجرين من لاوس وبورما وكمبوديًا كعبيد على ظهر سفن الصيد.

ورغم الحملة التي شنّتها الحكومة التايلاندية ضد استخدام السُخرة، تشير الأدلة إلى أن بيع الروهنجيا المحتجزين في الغابات ظل قائمًا حتى وقت مبكر من هذا العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى